السبت، 3 يوليو 2010


سقوط طاغيه

ايها المصريون.. لقد رأيتم ماحل بوطنكم من نكبات .. ومانزل بأرضكم من ويلات .. لقد رأيتم كيف تصبح كرامتكم هدفا للأهواء.. ولقمه سائغه فى فم الأعداء .. لقد أستغل الأثمون وداعتكم .. وأتخذوها ذريعه لأطماعهم .. ومنفذا لخداعهم .. أعتدوا على الدستور وهو عنوان نهضتكم .. وعلى البرلمان وهو رمز كرامتكم .. وعلى النيل وهو مصدر حياتكم .. ولم يدعوا فى أرض الوطن لسان ينطق بالحق .. أو قلما يجرى بالصدق .. ومدوا أيديهم الى أمتهان رجولتكم وأحتقار عزتكم .. لتطيب لهم لذات المناصب وشهوات الحكم فى جو يأمنون فيه صوتا يواجههم أو كلمه تعلو فى وجوههم ..

أيها المصريون .. أنهم أشخاص وأنتم أمه .. أنهم أفراد وأنتم جماعه .. أنهم ضعف وأنتم قوة .. أنهم يريدون المناصب وأنتم تريدون الحريه .. المناصب فى عهدهم ذل وعار .. والحريه شرف ووقار .. أن اليوم عصيب ، والوقت رهيب ، والنصر من المجاهدين قريب .. فجاهدوا قليلا لتستريحوا كثيرا ، وأن كانت حياتكم غاليه فالوطن اغلى .. والموت خير للمرء من أن يقضى الحياة ذلا وهوانا ..

ايها المصريون .. اليوم يومكم والوطن لكم ، والحريه حقكم ، فهبوا لأنقاذها قبل أن تحق على البلاد كلمه الدمار والخراب .. فثبتوا فى الحق أقدامكم ، وأرفعوا بجهاد الصدق أعلامكم " ..

هذه فقرات من منشور من تلك المنشورات التى كانت تغرق مصر كلها فى مواجهه حكومه صدقى وأستبداده .. والمنشور موقع باسم " المصرى الحر " .. كان المنشور سلاحا من أسلحه المقاومه ضد الأستبداد فى زمن صودرت فيه الصحف .. ولم تكن بها فضائيات أو أنترنت .. لقد أستمرت المقاومه وتصاعدت ضد صدقى .. وزاد من قوتها وحدتها أمتداد أثار الأزمه الأقتصاديه العالميه الكبرى الى مصر .. وكان سلوك حكومه صدقى - المدعوم من الأحتلال البريطانى – فى مواجهه الأزمه يصب فى خدمه كبار الملاك وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة – قارنوا تطابق الأحداث ، وتطابق السلوك بين حكومه صدقى المدعوم من الأنجليز ، وحكومه نظيف-مبارك المدعوم من الصهاينه والأمريكان – بينما حاصرت الناس أزمه طاحنه فى أرزاقهم .. وسرعان ماأنضم العمال والفلاحين الى حركات الأحتجاج ، وظهر عمال عنابر السكه الحديد فى مقدمه الحركه العماليه وطليعتها.. كما شهدت قرى الدلتا والصعيد هبات فلاحين متعدده بعضها أخذ طابعا جماعيا سياسيا ضد دستور 30 وتزوير الأنتخابات .. وبعضها الأخر كان أحتجاجا على سوء الأوضاع الأقتصاديه وتعسف الحكومه فى جبايه الضرائب .. وأبتكر حزب الوفد أسلوبا جديدا فى النضال بالدعوى للأمتناع عن دفع الضرائب .. وأنضم الأتحاد النسائى بقياده هدى شعراوى الى المعارضه ، ونظمت لجنه سيدات الوفد مظاهرة نسائيه ضخمه ضد حكومه صدقى باشا .. وخرجت المظاهره من دار رياض باشا وسارت فى طرقات القاهرة ، وأنضم أليها المئات .. وتدخلت الشرطه لفض المظاهرة بالقوة وأعتقلت عددا من السيدات وأودعوهن فى أقسام الشرطه، ثم أضطرت تحت الضغط الشعبى للأفراج عنهن ليلا .. وقد شاركت النساء فى أنشطه عديده ضد حكومه صدقى أبرزها الدعوة لمقاطعه الأنتخابات البرلمانيه المزوره التى نظمتها الحكومه ، وقد نعى شاعر النيل حال مصر فى ظل حكومه صدقى الأستبداديه فى قصيده جاء فيها : " حولوا النيل .. وأحجبوا الضوء عنا .. وأطمسوا النجم وأحرمونا النسيما .. وأملأوا البحر ، أن أردتم سفينا .. وأملأوا الجو ، أن أردتم .. نجوما .. وأقيموا للعسف فى كل شبر كونستبلا بالسوط .. يفرى الأديما ، أننا لن نحول عن عهد مصر .. أو ترونا فى التراب عظما رميما " ..

وكان المسمار الأول فى نعش حكومه صدقى حادثه أغتيال مأمور مركز البدارى .. فقد كشفت تلك القضيه عن الأنتهاكات التى كانت تقع فى مركز الشرطه ضد المواطنين .. ويرجع أصل القضيه الى قيام أثنين من أبناء مركز البدارى بقتل المأمور ، وقد حكمت المحكمه بأعدام الأول وبالأشغال الشاقه المؤبده على الثانى .. وعند الطعن بانقض فى الحكم ، كشفت محكمه النقض أن جريمه القتل كانت بسبب قيام المأمور بتعذيبهما وهتك عرضهما .. وأدانت المحكمه برئاسه عبد العزيز فهمى باشا فى حكم تاريخى لها فساد النظام وأفعال رجال البوليس التى وصفتها بأنها " أجرام فى أجرام " .. وبناء على هذا الحكم بدأت النيابه العامه التحقيق فى وقائع التعذيب التى يتعرض لها المواطنون على يد رجال البوليس .. وكان هذا الحكم وما تبعه من تحقيقات سببا فى أنقسام حكومه صدقى الذى أوقف التحقيقات ، فأستقال بعض الوزراء ، وفى نفس الوقت شعر النجليز أن الأمر بات يهدد مصالحهم فى مصر وأن سياستهم الداعمه لصدقى تضرهم .. فغيروا فى 1933 مندوبهم السامى الذى كان سندا دائما لصدقى ، وأعطوا الضوء الخضر للملك فؤاد ليتخلص من رئيس وزرائه فى محاوله لأمتصاص الغضب الشعبى ، فاستقال بأمر من الملك .. ولم يخرج صدقى من الوزاره فقط .. بل أنفض عنه حزبه " حزب الشعب " – لاحظ الأسم – ألا يذكرك ذلك بشيئ ، مثل الحزب الوطنى الديمقراطى مثلا .. وقد علقت السيده روز اليوسف على " سقوط الطاغيه " فقالت " حين سقط صدقى تخلى عنه كل شيئ ، تخلى عنه حزبه ، وتخلت عنه جريدته ، وتخلت عنه الأغلبيه التى أوجدها من العدم ، بالتزوير ، وكانت تلك نتيجه طييعيه ، فالبناء الذى يقام على السلطان يذهب بذهاب السلطان .. وماتأتى به الرياح تذهب به الزوابع