السبت، 28 نوفمبر 2009

المهرولون


-1-
سقطت آخر جدرانِ الحياءْ.
و فرِحنا.. و رقَصنا..
و تباركنا بتوقيع سلامِ الجُبنَاءْ
لم يعُد يُرعبنا شيئٌ..
و لا يُخْجِلُنا شيئٌ..
فقد يَبسَتْ فينا عُرُوق الكبرياءْ…
-2-
سَقَطَتْ..للمرّةِ الخمسينَ عُذريَّتُنَا..
دون أن نهتَّز.. أو نصرخَ..
أو يرعبنا مرأى الدماءْ..
و دخَلنَا في زَمان الهروَلَة..
و و قفنا بالطوابير, كأغنامٍ أمام المقصلة.
و ركَضنَا.. و لَهثنا..
و تسابقنا لتقبيلِ حذاء القَتَلَة..
-3-
جَوَّعوا أطفالنا خمسينَ عاماً.
و رَموا في آخرِ الصومِ إلينا..
بَصَلَة...
-4-
سَقَطَتْ غرناطةٌ
-للمرّة الخمسينَ- من أيدي العَرَبْ.
سَقَطَ التاريخُ من أيدي العَرَبْ.
سَقَطتْ أعمدةُ الرُوح, و أفخاذُ القبيلَة.
سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البُطُولة.
سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البطولة.
سَقَطتْ إشبيلَة.
سَقَطتْ أنطاكيَه..
سَقَطتْ حِطّينُ من غير قتالً..
سَقَطتْ عمُّوريَة..
سَقَطتْ مريمُ في أيدي الميليشياتِ
فما من رجُلٍ ينقذُ الرمز السماويَّ
و لا ثَمَّ رُجُولَة...
-5-
سَقَطتْ آخرُ محظِّياتنا
في يَدِ الرُومِ, فعنْ ماذا نُدافعْ؟
لم يَعُد في قَصرِنا جاريةٌ واحدةٌ
تصنع القهوةَ و الجِنسَ..
فعن ماذا ندافِعْ؟؟
-6-
لم يَعُدْ في يدِنَا
أندلسٌ واحدةٌ نملكُها..
سَرَقُوا الابوابَ
و الحيطانَ و الزوجاتِ, و الأولادَ,
و الزيتونَ, و الزيتَ
و أحجار الشوارعْ.
سَرَقُوا عيسى بنَ مريَمْ
و هو ما زالَ رضيعاً..
سرقُوا ذاكرةَ الليمُون..
و المُشمُشِ.. و النَعناعِ منّا..
و قَناديلَ الجوامِعْ...
-7-
تَرَكُوا عُلْبةَ سردينٍ بأيدينا
تُسمَّى (غَزَّةً)..
عَظمةً يابسةً تُدعى (أَريحا)..
فُندقاً يُدعى فلسطينَ..
بلا سقفٍ لا أعمدَةٍ..
تركوُنا جَسَداً دونَ عظامٍ
و يداً دونَ أصابعْ...
-8-
لم يَعُد ثمّةَ أطلال لكي نبكي عليها.
كيف تبكي أمَّةٌ
أخَذوا منها المدامعْ؟؟
-9-
بعد هذا الغَزَلِ السِريِّ في أوسلُو
خرجنا عاقرينْ..
وهبونا وَطناً أصغر من حبَّةِ قمحٍ..
وطَناً نبلعه من غير ماءٍ
كحبوب الأسبرينْ!!..
-10-
بعدَ خمسينَ سَنَةْ..
نجلس الآنَ, على الأرضِ الخَرَابْ..
ما لنا مأوى
كآلافِ الكلاب!!.
-11-
بعدَ خمسينَ سنةْ
ما وجدْنا وطناً نسكُنُه إلا السرابْ..
ليس صُلحاً,
ذلكَ الصلحُ الذي أُدخِلَ كالخنجر فينا..
إنه فِعلُ إغتصابْ!!..
-12-
ما تُفيدُ الهرولَةْ؟
ما تُفيدُ الهَرولة؟
عندما يبقى ضميرُ الشَعبِ حِيَّاً
كفَتيلِ القنبلة..
لن تساوي كل توقيعاتِ أوسْلُو..
خَردلَة!!..
-13-
كم حَلمنا بسلامٍ أخضرٍ..
و هلالٍ أبيضٍ..
و ببحرٍ أزرقٍ.. و قلوع مرسلَة..
و وجدنا فجأة أنفسَنا.. في مزبلَة!!.
-14-
مَنْ تُرى يسألهمْ عن سلام الجبناءْ؟
لا سلام الأقوياء القادرينْ.
من ترى يسألهم
عن سلام البيع بالتقسيطِ..
و التأجير بالتقسيطِ..
و الصَفْقاتِ..
و التجارِ و المستثمرينْ؟.
من ترى يسألهُم
عن سلام الميِّتين؟
أسكتوا الشارعَ
و اغتالوا جميع الأسئلة..
و جميع السائلينْ...
-15-
... و تزوَّجنا بلا حبٍّ..
من الأنثى التي ذاتَ يومٍ أكلت أولادنا..
مضغتْ أكبادنا..
و أخذناها إلى شهرِ العسلْ..
و سكِرْنا.. و رقصنا..
و استعدنا كلَّ ما نحفظ من شِعر الغزَلْ..
ثم أنجبنا, لسوء الحظِّ, أولاد معاقينَ
لهم شكلُ الضفادعْ..
و تشَّردنا على أرصفةِ الحزنِ,
فلا ثمة بَلَدٍ نحضُنُهُ..
أو من وَلَدْ!!
-16-
لم يكن في العرسِ رقصٌ عربي.ٌّ
أو طعامٌ عربي.ٌّ
أو غناءٌ عربي.ٌّ
أو حياء عربي.ٌّ ٌ
فلقد غاب عن الزفَّةِ أولاد البَلَدْ..
-17-
كان نصفُ المَهرِ بالدولارِ..
كان الخاتمُ الماسيُّ بالدولارِ..
كانت أُجرةُ المأذون بالدولارِ..
و الكعكةُ كانتْ هبةً من أمريكا..
و غطاءُ العُرسِ, و الأزهارُ, و الشمعُ,
و موسيقى المارينزْ..
كلُّها قد صُنِعَتْ في أمريكا!!.
-18-
و انتهى العُرسُ..
و لم تحضَرْ فلسطينُ الفَرحْ.
بل رأتْ صورتها مبثوثةً عبر كلِّ الأقنية..
و رأت دمعتها تعبرُ أمواجَ المحيطْ..
نحو شيكاغو.. و جيرسي..و ميامي..
و هيَ مثلُ الطائرِ المذبوحِ تصرخْ:
ليسَ هذا الثوبُ ثوبي..
ليس هذا العارُ عاري..
أبداً..يا أمريكا..
أبداً..يا أمريكا..
أبداً..يا أمريكا..

خطـاب الجلوس
سأختار شعبي
سأختار أفراد شعبى ،
سأختاركم واحدا واحدا من سلالة
أمى ومن مذهبى،
سأختاركم كى تكونوا جديرين بى
إذن أوقفوا الآن تصفيقم كى تكونوا
جديرين بى وبحبى ،
سأختار شعبى سياجا لمملكتي ورصيفُا
لدربي
قفوا أيها الناس ، يا أيها المنتقون
كما تنتقى اللؤلؤة .
لكل فتى امرأة
وللزوج طفلان ، في البدء يأتى الصبى
وتأتى الصبية من بعد . لا ثالث 0
وليعم الغرام على سنتي
فأحبوا النساء ، ولا تضربوهن إن مسهن الحرام
سلام عليكم .. سلامُ ، .. سـلام ..
سأختار من يستحق المرور أمام
مدائح فكرى
ومن يستحق المرور أمام حدائق قصري . .
قفوا أيها الناس حولى خاتم .
لنصلح سيرة حواء .. نصلح أحفـاد آدم .
سأختار شعبا محبا وصلبًا وعذبا ..
سأختار أصلحكم للبقاء . .
وأنجحكم فى الدعاء لطول جلوسي فتيًا
لما فات من دول مزقتها الزوابع !
لقد ضقت ذرعًا بأمية الناس .
يا شعب .. شا شعبى " الحر فاحرس هوائي
من الفقراء...
وسرب الذباب وغيم الغبار.
ونظف دروب المدائن من كل حاف
وعار وجائع .
فتبا لهذا الفساد وتبا لبؤس العباد الثكالى
سأختار شعبًا من الأذكياء ،.. الودودين
والناجحين ..
وتبًا لوحل الشوارع ..
سأختاركم وفق دستور قلبي :
فمن كان منكم بلا علة .. فهو حارس كلبى،
ومن كان منكم طبيبا ..أعينه
سائسا لحصاني الجديد.
ومن كان منكم أديبا .. أعينه حاملا لاتجاه
النشيد و من كان منكم حكيمًا ..أعينه مستشارا
لصك النقود .
ومن كان منكم وسيمًا ..أعينه حاجبا
للفضائح
ومن كان منكم قويًا ..أعينه نائبا للمدائح
ومن كان منكم بلا ذهب أو مواهب
ـ فلينصرف
ومن كان منكم بلا ضجرٍ ولآلىء
فلينصرف
فلا وقت عندى للقمح والكدح
ولأعترف
أمامك يا أيها الشعب .. يا شعبى
المنتقى بيدى
بأنى أنا الحاكم العادل
كرهت جميع الطغـاة ..
لأن الطغـاة يسوسون شعبا من الجهلة
ومن أجل أن ينهض العدل فوق الذكاء
المعاصر
لابد من برلمان جديد ومن أسئلة
من الشعب يا شعب ..هل كل كائن يسمى
مواطن ؟
ترى هل يليق بمن هو مثلى قيادة لص
وأعمى وجاهل ؟.
وهل تقبلون لسيدكم أن يساوى ما بينكم
أيها النبلاء
وبين الرعاع ..اليتامى.. الأرامل ؟!.
وهل يتساوى هنا الفيلسوف مع المتسول ؟
هل يذهبان إلى الاقتراع معا ،.
كى يقود العوام سياسة هذا الوطن ؟
وهل أغلبيتكم أيها الشعب ،هم عدد لا لزوم
له
إن أردتم نظاما جديدا لمنع المفتن !!
إذن
سأختار أفراد شعبي، سأختاركم واحدا
واحدا .
كى تكونوا جديرين بى.. وأكون جديرًا بكم ..
سأمنحكم حق أن تخدمونى
وأن ترفعوا صورى فوق جدرانكم
وأن تشكروني لأنى رضيت بكم أمة لى..
سمأمنحكم حق أن تتملوا ملامح وجهي في
كل عام جديد ..
سأمنحكم كل حق تريدون حق البكاء على
موت قط شريد
وحق الكلام عن السيرة النبوية فى كل عيد..
وحق الذهاب إلى البحر فى كل يوم
تريدون ..
لكم أن تناموا كما تشتهون ..
على أى جنب تريدون .. ناموا ،
لكم حق أن تحلموا برضاى وعطفى .. فلا
تفزعوا من أحد
سأمنحكم حقكم فى الهواء.. وحقكم فى
الضياء
وحقكم فى الـغناء ..
سأبنى لكم جنة فوق أرضى
كلوا ما تشاؤون من طيباتى
ولا تسمعوا ما يقول ملوك الطوائف عنى،
وانى أحذركم من عذاب الحسد!
ولا تدخلوا فى السياسـة .إلا إذا صدر الأمر
عني . .
لأن السياسة سجني..
هنا الحكم شورى ..هنا الحكم شورى
أنا حاكم منتخب ،
وأنتم جماهير منتخبة
ومن واجب الشعب أن يلحس العتبة
وأن يتحرى الحقيقة ممن دعاه إليه . .
اصطفاه .حماه من الأغلبية .والأغلبية
متعبة متعبة .
ومن واجب الشعب أن يتبرأ من كل فرد
نهب
وغازل زوجة صاحبه أو زنا ، أو غضب ،
ومن واجب الشعب أن يرفع الأمر
للحاكم المنتخب ،
ومن واجبى أن أوافق من واجبى
أن أعارض
فالأمر أمرى والعدل عدلي و الحق ملك يدى،
فإما إقالته من رضاى
واما إحالته للسراى
فحق الغضب
وحق الرضا ، لى أنا الحاكم المنتخب !
وحق الهوى والطرب
لكم كلكم .فأنتم جماهير منتخبة !
أنا .الحاكم الحر والعادل .
وأنتم جماهيرى الحرة العادلة ..
سننشئ منذ انتخابى دولتنا الفاضلة
ولا سجن بعد انتخابى ولاشعر عن تعب
القافلة
سألغي نظام العقوبات من دولتي
من أراد التأفف خارج شعبى فليتأفف
من شاء أن يتمرد خارج شعبى فليتمرد ..
سنأذن للغاضبين بأن يستقيلوا من الشعب
..فالشعب حر..
ومن ليس منى ومن دولتى فهو حر..
سأختار أفراد شعبى
سأختاركو واحدا واحدا مرة كل خمس
سنين .. .
وأنتم تزكوننى مرة كل عشرين
عامًا إذا لزم الأمر
أو مرة للابد
وان لم تريدوا بقائى ، لاسمح الله
إن شئتم أن يزول البلد
أعدت إلى الشعب ماهب أو دب من سابق
الشعب
كى أملك الأكثرية .والأكثرية فوضى..
أترضى أخى الشعب !
ترضى بهذا المصير الحقير أترضى؟.
معاذك !!
فد اخترت شعبى واختارنى الآن شعبى..
فسيروا إلى خدمتى آمنين ..
أذنت لكم أن تخروا على قدمى ساجدين ..
فطوبى لكم .. ثم طوبى لنا أجمعين .
خطـاب الضـجـر !
ألا تشعرون ببعض الضجر!
فمن سنة لم أجد خبرا واحدًا عن بلادى
أما من خبر؟
نغير تقويمنا السنوى . . وننقش أقوالنا فى
الرخام
وندفنها فى الصحاري ليطلع منها المطر
على ما أشاء من الكائنات
وأحمل عاصمتى فوق سيارة الجيب ،
كى أتحاشى المطر.. وما من خبر؟
وأكتب فى العام عشرين سطرا بلا خطأ
نحوى،
وتعرف يا شعب أني رسول المقدر
وألغي الزراعة ، ألغي الفكاهة ، ألغي
الصحافة
ألغى الخبر .وما من خبر؟. .
وامنع عنكم عصير الشعير
وأختصر الناس .. أسجن ثلثًا ..
وأطرد كثا ..
وأبقى من الثلث حاشية للسمر..
وما بقى من خبر؟!
وأطبع وجهى .. من أجلكم .فوق وجه القمر
لكي تحلموا كما أتمنى لكم .. تصبحون على
وما من خبر؟!
لأن الشعير طعام حميرٍ .. وأنتم أرانب
قلبى..
كلوا ما تشاؤون من بصل أخضر أو جزر..
وما من خبر؟
وأمرض أو أتمارض ، أخلو إلى الذات .
أو أتفاوض سرًا مع المعجزات
وأحرم نفسى من الكاميرا والصور
وما من خبر؟
أوحد ما لا يوجد ، أحرس إيوان كسرى..
وأدعو إلى وحدة المسلمين على سيف قيصر
أرشو ملوك الطوانف ،أمحو شرائع سومر
أمنح أفريقيا صوتها .وأعيد النظر..
بتاريخ فكر البشر
وما من خبر؟
وأغلق كل المسارح .. لا مسرح فى البلد
ولاسينما فى البلد
ولا مرقص فى البلد
ولا بلد فى البلد
ولا نغمٌ آو وتر
وما بن تبرأ
ضجر!
ضجر!
وحيدًا أنا أيها الشعب ، شعبي العزيز
ولكن قلبي عليك وقلبك من فلز أو حجر
أضحى لأجلك ، يا شعب ، إني سجينك منذ
الصغر
ومنذ صباي المبكر أخطب فيكم
وأحكمكم واحدا واحدا
وفى كل يوم أعد لكم مؤتمر
فمن منكم يستطيع الجلوس ثلاثين
عاما على مقعد واحد
دو أن يتخشب ؟ من منكم يستطيع
السهر..
ثلاثين عاما
ليمنع شعبا من المذكريات وحب السفر..؟
وحيد أنا أيها الشعب ..لا أستطيع الذهاب
إلى البحر
والمشي فوق الرصيف
ولا النوم تحت الشجر
ثقيل هو الحكم ..لا تحسدوا حاكما ..
أي صدر تحمل ما يتحمل صدري من
الأوسمة ؟.
وأي فتى منكم يستطيع الوقوف
ثلاثين عاما على حافة الجمجمة
وأي يد دفعت طما دفعت يدنا من خطر؟.
ضجـر !
ضجـر !
يخيل لي أيها الشعب ، يا صاحبى
أن حقي على الله أكبر من واجبى..
ولكنني لا أريد معارك أكبر منكم ، كفانا
الضجر،
جرادا يحط على الوقت ، يمتص خضرة
أيامنا .. ،
ويفتر وقت الرمال رمالا من الوقت
نمشى على الرمل .. لا أثر .. لا أثر
ومن واجبى أيها الشعب أن أتسلى
قليلا ، فمن يعيد إلى ساحة الموت
أمجادها؟.
اخطئوا .. اخطئوا .. واسرقوا وافسقوا ..
لأقطع كفا وأجدع أنفا وأدخل سيفا بنهد
نهد..
وأجعل هذا الهوا ،إبر
وأنسى همومي في الحكم ، أنسى التشابه
وبين الملوك القدامى وأنسى العبر..
أما من فتى غاضب فى البلد!
أما من أحد؟ ..
تقاعس عن خدمتي أو بكى أو جحد:
أما من أحد .. شكا أو كفر !
أما من أحد شكا أو كفر؟
أما من خبر .
ضجر!
وحديٌ أنا أيها الشعب ، أعمل وحدي
ووحدي أسن القوانين
وحدي أحول مجرى النـهر . .
أفكر وحدي أقرر وحدي.. فما من وزارة
تساعدني في إدارة أسراركم
ليسر لي نائب لشئون الكناية والاستعارة
ولا مستشار لفلك طلاسم أحلامكم عندما
تحلمون ..
ولا نائب لاختيار ثيابى وتصفيف شعرى
ورفع الصور
ولا مستشار لرصد الديون
. فوالله .. والله .. والله لا علم لى
بمالى عليكم ومالى عليكم حلال حلال ..
كلوا ما أعد لكم من ثمر
وناموا كما أتمنى لكم أن تناموا ومودين
بعد صلاة العشاء..
وقوموا من النوم حين ينادى المنادى
بأنى رأيت السحر..
وسيروا إلى يومكم آمنين .. ووفق نظام
كتابي
ولا تسألوا عن خطابي
سأمنحكم عطلة للنظر
بما يسر الله لى من خطاب الضجر
ضجر!
ضجر!
سلام علي ، سلام عليكم
سلام على أمة لا تمل الضجر! .
خـطــاب السـلام !
وأما الذين قضوا فى سبيل الدفا ع عن
الذكريات وعن وهمهم ..فلهم أجرهم أو
خطيئتهم عند ربهم
حرام حلال
حلال حرام
.. ويا أيها الشعب ، يا سيد المعجزات
وياباني الهرمين ..
أريدك أن ترتفع
إلى مستوى العصر .. صمتا وصمتا ..
لنسمع صوت خطانا على الأرض ..
ماذا دفعنا لكي نندفع .
ثلاث حروب ـ وأرض أقل
وتأميم أفكار شعب يحب الحياة - ورقص أقل
فهل نستطيع المضي أماما ؟ وهذا الأمام
حطام ..
أليس السلام هو الحل ؟.
عاش السلام
وبعد التأمل فى وضعنا الداخلى
وبعد الصلاة على خاتم الأنبياء وبعد السلام
على،
وجدت المدافع أكبر من عدد.الجند فى مولتى.
وجدت الجنود يزيدون عما تبقى لنا من
حبوب
لهذا ، سأطلب من شعبى الحر أن يتكيف
فورا ،
وأن يتصرف خير التصرف مع خطتى.
سأجنح للسلم إن جنحوا للحروب
سأجنح للغرب إن جنحوا للغروب
سنجنح للسلم مهما بنوا من حصون
ومهما أقاموا على أرضنا ..
ليعيش السلام ..
حروب . . حروب . . حروب
أما من قـيـادة
لتوقف هذا العبث ؟!
وتوقف إنتاج مستقبل غامض من جثث ؟
أفي الغاب نحن لنقتل جيراننا الباحثين على
أرضنا عن وسادة ؟.
وما الحرب يا شعب إلا غرائز أولى، خلاف
صغير
على الأرض ، ما الأرض إلا رمال على الرمل
هل دمكم أيها الناس أرخص من حفنة
الرمل ؟.
عم تفتش في الحرب يا شعبى الحر،
هل عن سيادة ؟.
أمعنى العدو المصاب بداء التوسع
والخوف ؟.
فليتوسع قليلا.. لماذا نخاف .. لماذا نخاف ؟.
فهل تستطيع الجرادة أن تأكل الفيل أو
تشرب النيل ؟.
في الأرض متسع للجميع .. وفى الأرض
متسع للسعادة .
ونحن هنا ثابتون ..
هنا فوق خمسة ألاف عام من المجد والحب .
مهما يمر الظلام
وعاش السلام ..
ورثتك يا شعب .. يا شعبى الحر عن حاكم
ضللك
وحطم فيك البراءة والورد .ما أنبلك !
وجرك للحرب من أجل بدو أباحوا نسائك
مذ دخلوا منزلك .
ولم يدفعوا الأجر .. لاشئ فى السوق ،
لا شيء من حللك
لبدو الصحارى، وحرم لحم الخراف عليك ،
ومن بدلك
وقادك نحو سراب العروبة حتى توحد من
شتتوا أملك ؟
ورثتك يا شعب ، يا شعبى الحر، عن حاكم
فكك ..
وآن أوان الحقيقة ، فليرجع الوعى للوعى ..
لن أمهلك
سوى ساعتين ، لتنسى الزمان الذي أهملك
وإلا ، سأعلن إضراب زوجاتكم فى
المضاجع :
إما الصيام عن النوم ما بين أفخاذهن
وإما السلام .
إما عودة الوعي ، لا وعي حولي ولا وعي
قبلي ولا وعي بعدي
عرفت التصدي
عرفت التحدي
وجربت أن أستقل عن الشرق والغرب ..
لكنني لم أجد
غير هذا التردي
ففي عالم ينقسم :
إلى اثنين : شرق وغرب فقط .
يكون الحياد شطط
فمن نحن ؟ هل نحن شرق .. ولا رزق فى
الشرق ؟.
في الشرق حزب النظام الحديدى ، فى
الشرق تنمية للنمط
ولاشيء في السوق غير الخطط
وهل نحن غرب ؟ وفى الغرب أعداؤنا
ينشرون اللغط ؟
عن الحاكم العربي وفى الغرب رامبو
وشامبو
وكوكا وجينز وكنز وديسكو وسيرك .. وحرية
للقطط ،
فمن نحن ؟ هل نحن حقا غلط
لنقضى0ثلاثين عاما من الحرب والحل في
الغرب
هل نحن حقا غلط ؟
. . ليهرب منا الطعام
أما كنت تدرك يا شعب
أن الطعام سلام ؟.
ويا أيها الشعب ، آن لنا أن نصحح تاريخنا
كي نضاهي الحضارات قولا وفعلا ..
وآن لنا أن نلقن أعداءنا السلم ، درسا وحلا،
سنقطع عنهم جميع الذرائع ،
كي لا يفروا من السلم .. ماذا يريدون ؟.
ماذا يريدون ؟ كل فلسطين ؟
أهلا وسهلا..
يريدون أطراف سيناء؟.. أهلا وسهلا..
يريدون رأس أبى الهول .. -هذا المراوغ فى
الوقت ؟ .. أهلا وسهلا..
يريدون مرتفعات الهجوم على الشام ؟ ..
أهلا وسهلا.
يريدون أنهار لبنان ؟ أهلا وسهلا..
يريدون تعديل قرآن عثمان ؟ أهلا وسهلا..
يريدون بابل كي يأخذوا رأس "نابو" إلى
السبي؟.
أهلا وسهلا ..
سأعطيهمو ما يشاؤون منا ومالا يشاؤون كى
أحمى السلم
والسلم أقوى من الأرض ..اأقوى وأغلى..
فهم بخلاء ..لئام
ونحن كرام ..كرام
وعاش السلام
.. من أجل هذا السلام أعيد الجنود
من الثكنات إلى العاصمة .
وأجعلهم شرطة للدفاع عن الأمن ضد
الرعاع .
وضد الجياع
وضد اتساع المعارضة الآثمة
فليس السلام مع الآخرين هناك
سلاما مع الغاضبين هنا..
هنا لن تقوم لأى فئات يسارية قائمة
سأفرم لحم اليسار ، وأحجب ضوء النهار.
عن الزمرة الناقمة
وفى السجن متسع للجميع
من الشيخ حتى الرضيع
ومن رجل الدين حتى النقابى والخادمة
فليس السلام مع الآخرين هـناك
سلاما` مع الرافضين هنا ..
هنا طاعة وانسجام
ليحيا السلام
وأما الذين قضوا فى سبيل الدفاع
عن الذكريات وعن وهمنا ..فلهم أجرهم أو
خطيئتهم عند ريهمو..
وما فات فات
ومن مات مات
سأقضى على الذكريات
سألغي احتفالات يوم الشهيد لننسى
سأحرث مقبرة الشهداء الحزينة
وأرفع منها العظام لتدفن فى غير هذا
المكان
فرادى فرادى
فلا حق في دولتي للتجمع ، حيا وميتا
لئلا يثير الفسادا
ولا حق للموت أن يتمادى
ويقضم نسياننا الحر منا
سأكسر كل المدافع حتى يفرخ فيها الحمام
سأكسر ذاكرة الحرب ..
ناموا كما لم تناموا
غدا تصبحون على الخبز والخير ناموا
غدا تصبحون على جنتى
فاستريحوا وناموا ..
يعيش السلام
يعيش النظام
شالوم .. سلام ..!
خـطاب الأمير.
إذا كانت الحرب كرأ وفرأ
فإن السلام مكر مفر
أحبوا الأمير ، وخافوا الأمير
ولا تقنطوا من دهاء الأمير
فليست لنا غاية فى المسير
ولا هدف ، غير أن تستقر الأمور
على ما استقرت عليه : أمير على عرشه
وشعب على نعشه ..
أنا خنجر من حرير
أحب الرعية إن أخلصت
وان أرخصت دمها في سبيل الأمير
فعمر الرعية في الحب عمر طويل
وعمر الرعية إن كرهتنى قصير
أنا صانع الجيش من كل جيش بلا أسلحة
جمعت الجنود كما تجمع المسبحة
لأبنى مجتمعًا للتحدي ومجتمعًا للتصدي
ومجتمعا يدمن المذبحة
أنا السيف والورد والمصلحة
وليس على ما أقول شهود
وليس على ما أريد قيود.. ،
وليست عقيدتنا صنما جامدا ، فاحذروا
نفاق الصديق .. وحاجته للتمدد خلف
الحدود
وليس العدو عدوًا إلى أخر الحرب ..
قد نتحالف في ذات يوم لنحمى أنفسنا من صديق لدود
ومن إخوة لا يطيعوننا ، حين نذبحهم
يصرخون
ويرموننا بالظنون ، ولا يفهمون
سياستنا أو كياستنا حين نحرق أطفالهم
بالصواريخ
كي لا يمروا ،
فإن كانت الحرب كرًا وفرًا
فإن السلام مكر مفر
حقوق الأمير على الناس أكبر من واجبي
ألم أجد الناس جوعى .. فأطعمت
وعارية فكسوت
وتائهة فهديت !
وساويت بين المثقف والمرتزق
(وأما بنعمة ما أنعم الحكم - حكمى-
فحدث )
ألم أبن خمسين سجنا جديدا لأحمى اللغة
من الحشرات ومن كل فكر قلق أ.
ألم أخلط الطبقات لألغى نظام التقاليد
والمرجعية والزمن المحترق ؟!
فمن يذكر الآن أجداده ؟
ومن يعرف الآن أولاده ؟
ومن يستطيع الرجوع إلى شجر العائلة
ومن يستطيع الحنين إلى زهر ذابلة
ومن يستطيع التذكر دون الرجوع إلى
حارس القافلة ؟
(وأما بنعمة ما أنعم الحكم - حكمى - عليك
فحـدث )
ألم أجد الماء في غيمكم يختنق
فحركته فاستجاب وآب إليكم .. ألم أنطلق
بكم نحو أعلى الشعارات كى نلتحق
بمجتمعات الرخاء ، فكونوا كما أشتهى أن
تكونوا وسيروا
إلى بلد لا حود له ، لا رعاة ، ولا شاعر أو
ملك ،
فقد تفتنون وقد تتخمون .وقد أمتلك !
دعوا الأرض بورا ، لأن الفلاحة عار
القدامى
قطعت الشجر
وألغيت بؤس الزراعة
لأستورد الثمر الأجنبي بنصف التكاليف
فالشعب نصفان : جيش وباعه
ولا تعملوا في المصانع ، فهى ديون على دولة
تتنامى
رويدا رويدا على فائض الحرب من شهداء
ومن جثث في العراء ، وبترولنا دمكم
والصناعة إنتاج ما أنتجت حربنا من يتامى
نوظفكم في معارك لا تنتهى كى يعيشوا
وكي ينجبوا للإمارة كنز الإمارة .. هاتوا
يتامى
لنحيا الحزينة عاما وعاما
وإلا ...فمن أين أطعمكم .والإمارة قفر
وأن الحروب اقتصاد معافى .. وحر
وان الهزيمة ربح ونصر
وان كانت الحرب كرًا وفرًا
فإن السلام مكر مفر
* * * * * * * *
تقولون : ماذا يريد الأمير من الحرب ،
ماذا يريد الأمير المحارب ؟
أقول : أريد حروبا صغيرة
سأختار شعبا صفيرا حقيرا أحاربه كى
أحارب
وأحمى النظام من الباحثين عن الخبز بين
الزرائب
فحين نخوض الحروب
يحل السلام على الجبهة الداخلية ننسى
الحليب .
وننسى الحبوب
فيا قوم قوموا .. فهذا أوان الأمل
وهذا أوان النهوض من المأزق المحتمل
إذا حاصرتنا جيوش الشمال
نحاصر إخوتنا في الجنوب
وإن حاصرتنا جيوش الجنوب
ندمر إخوتنا في الشمال
وحين نحاصر بين الشمال وبين الجنوب
أحاصركم في الوسط
فلا تقنطوا من دهاء الأمير ولا تقعوا فى
الغلط
فخير الأمور الوسط
وأنتم رهائن عندي ، فخروا وخروا
ولا تسألوني أفي الأمر سر؟
إذا كانت الحرب كرًا وفرًا
فإن السلام مكر مفر!.
تقولون ماذا عن السلم ، ماذا يريد الأمير ؟
أقول : أريد من السلم ما لا فضيحة فيه .
أغازله دون أن أشتهيه
وأبنيه سرًا ، وأحرسه بالحروب الصفيرة
كي يتقيني العدو وكي أتقيه ..
وأحمي سلام الخنادق من نزوات الخطاب
ومن طيش هذا الشباب
وأحصي مدافعهم ثم أحصي مدافعنا
-الفوارق سلم
وأحصى مصانعنا ثم أحصى مصانعهم
-الفوارق سلم
وأحصى مواقعنا ثم أحصى مواقعهم
- الفوارق سلم .
-
- ولكنني لا أريد السلام
-
- لأن السلام المقام على الفرق بين العدوين
- ظلم
وإن السلام المقام على الظلم ظلم ،
وإن السلام المقام على الاعتراف بغيري ظلم
فلابد من نصف سلم
ولابد من نصف حرب
لأحفظ شعبي
وأحفظ حكمي
أحارب من أستطيع محاربته
بلا رحمة أو حرام
أسالم من لا أريد ولا أستطيع محاربته
بغير معاهدة للسلام
فإن السلام مغامرة كالحروب .. وشر
وان كانت الحرب كرا وفرأ
فإن السلام مكر مفر
ويا قوم .. يا قوم ،من أخر الليل يطلع فجر
سلام عئيكم إلى مطلع الفجر أيها الصابرون
على الليل حولي
أقاسمكم ما وهبت من المعجزات .. وأذرف
ظلي
عليكم ، لكي يتساوى الجميع بظلمى وعدلى..
أعرف يا أيها الناس ، ما تحمل النفس
والنفس أمارة بالتخلي
عن الصعب ، والمجد صعب كما تعلمون ،
قليل التجلي ،
ولكننا سنواصل هذا الطريق إلى منتهاه إلى
منتهاكم ،
فلا تقطنوا من دهائى ومن رحمة النصر
فالنصر صبر على الليل ، والليل - يا أمتى
- درجات .
فمنه الطويل ومنه القصير .ومنه الذى
يستمر
ثمانين حولا
سأحكمكم لا مفر
إذا كانت الحرب كرًا وفرًا
فإن السلام مكر .. مـفـر .
خطاب القبر !
أعدوا لى القبر قصرا يطل على القصر
من وجهة البحر، قصرا يدل الخلود عليَّ .
يدفع أحلامكم صلوات ..إلى
فمن كان يعبر هذا البلد
ومن كان يعبر هذا الجسد
فمن حقه أن يصدق أنى حى
وحى هو العرش حتى الأبد
بلغت الثمانين ، لكننى ما عرفت السـأم
وقد أتزوج في كل يوم فتاة
وأبكي عليكم ، أرثيكم يوم تهوى البيوت
على ساكنيها ، ويسكنها العنكبوت
فمن واجبي أن أعيش
ومن حقكم أن تموتوا
لأنجب جيلا جديدا يواصل أحلامكم
فما من أحد
رأى ما رأيت .. وما من بلد
رأى ما رأى من فتوة هذا الجسد
فمن كان يعبد هذا البلد
فقد مات ، أما الذى كان يعبدنى
فمن حقه أن يصدقنى حين أصدر أحرى إلى
الموت
دعني وشعبي الولد ،
معا للأبد.
وبعد الثمانين تأتي ثمانون أخرى
وأرقد في اليوم عشرين ساعة
لأرتاح مما خلقت وممن خلقت
ومن دولة ستعمر في وتركع : سمعا وطاعه
وتنهار بعدى إذا نمت أكثر مما أنام
ولاشيء بعدى
فمن يعبدون ؟
وكيف تعيشون بعدى؟
ومن سوف ينقذكم من زمان الجنون
ومن سوف يحرس أبوابكم من جراد المطر
ومن سوف يحمل ريح الشمال إليكم
ويحميكم من ذئاب الشجر؟
ومن تعبدون
لمن ترفعون تراتيلكم ولمن تسجدون ، وتتلون
آيات من ؟
أبا لخبز وحده ؟ بالخبز وحده
تعيشون ؟ والروح خاوية من عباءة من
تعبدوا ؟
ومن أي معنى تشيدون مبنى الخيال لهذا
الزمن
وفى البدء ..كنت .. وكونت هذا الوطن
ليعبد خالقه ، أو يموت إذا لم بكن لائقا
بعبادة خالقه ،
فاعلموا واعلموا
بأن الذي قد خَلق
أحق بهذي الحياة الطويلة ممن خُلِق
وإن كان لابد من موتنا فاسبقوني
إلى الموت كي تحملوني وتستقبلوني
خذوا زوجتي معكم وخذوا أسرتي ..
وجهاز القلق ..
ولا تنشئوا أي حزب هناك
ولا تأذنوا لقدامى الضحايا بأن يسكنوا
معكم
ولا تسمحوا للتلاميذ أن يسرقوا دمعكم
ولا تفتحوا صحفا للحديث عن الفرق بين
الحياة
على الأرض أو تحتها
ولا تسمحوا للمعارضة المستبدة أن تتساءل
عما رفضت التساؤل فيه
أنا الموت .. والموت لا ريب فيه
أنا من أعد لكم أجلا لا مرد له فأعلموا
أن ما فوق أرضي يجري بأمري
فلا تهربوا من مشيئة قصري
فقد أختنق
وحيدا بغير جماهير تعبدني
ولقد ألتحق
بكم كي أراقبكم ..كي أحاسبكم
فمن كان يعبد هذى الحياة
فقد هلكت
وأما الذي كان يعبدني
فمن حقه أن يعيش معي فوق هذا التراب
وتحت التراب ..معي للأبد
أعدوا لي القبر قصرا يطل على البحر
قصرا مليئا بأجهزة الاتصال الحديثة
قصرا معدا لمملكة الشعب فى الآخرة
سآمر فورًا ، بنقل الوزارات والذكريات
ومجموعة الصور النادرة
سأنقل كل الحصون وكل السجون وكل
الظنون
لأحكمكم في المقر الجديد
بصيغة دستورنا الحاضرة
ولكنني سأعدل بند الوراثة
لاحق للحي أن يرث الميت إلا إذا
أثبت الميت أن الذى كان حيا هو الميت فيه
لئلا يطالبنا الدود بالآخرة
أعدوا لي القبر أوسع من هذه الأرض
أجعل من هذه الأرض
أقوى من الأرض
قصرًا يلخص بحرًا بنافذة من سحاب
سأجتاز هذا الممر الصغير
على فرس الغيم والغيم أبيض يهتز حولي
ويرسم لاسمي تاجًا وقوس قباب
سأجتاز هذا الممر الصغير
فلا عودة للوراء .. ولا رحلة فى السراب
أعدوا لي العرش من ريش مليون نسر
أعدوا العذارى ، أعدوا الشراب
ونادوا ملائكة الشعر: صلى عليه وصلى له
لينسى الهواء وينسى التراب ،
سأختار هذا الممر الصغير
لأقضى على الموت فيها .. وفى
وأفتح أخر باب ..
فمن كان يعبد منكم هنا الآخرة
فقد ماتت الآخرة
ومن كان يعبدني .. فإني حى.. .وحى .. وحى ..
خطاب الفكرة .
إذا قدر الحزب للشعب أن يحمل الدرب
فكرة ..
وأن يرفع الأرض أعلى من الأرض فكره
وأن يفصل الوعي عن واقع الوعي من أجل
فكرة
فعندئذٍ يصبح الشعب شعبا جديرا بحرب
وثورة
أقول لكم ما يقول لى الحزب والحزب فوق
الجماعة
سنقفز فوق المراحل عصرا وعصرين ..فى
كل ساعة .
لنبني جنة أحلامنا اليوم فى نمط من مجاعة
سنلغى الحرف
سنمنع صيد السمك
ونمنع بيع الدجاج وبيض الدجاج
وملكية الظل ملكية خاصة
فلنؤمم إذن كل أشجارنا الجائعة
وكل نباتاتنا الضائعة
ثمانين نخله
وتسعين تينه
وعشرين زيتونة
وألفا وسبعين فجله
سنلغي الزراعة
وندخل عصر الصناعة
بحزب وشعب و فكره
أقول لكم ما يقرره الحزب ، والحزب سلطتنا
سننشئ من أجل برنامج الحزب من أجلكم
طبقه
هي القوة الصاعدة
ونعلن من أرضنا ثورة الفقراء على الفقراء
فليس على أرضنا أغنياء
لنأخذ أملاكهم ، فلنوزع ، إذن ، فقرنا
على فقرنا ، فى إذاعتنا والجريدة
سنقطع دابر أعدائنا الطبقيين .. أهل العقيدة
ونتهم الأنبياء بداء البكاء على حصة فى
السماء
إذا الشعب يوما أراد
فلابد أن يستجيب الجراد ..
فهيا بنا أيها الكادحون وصناع تاريخنا
الحر، هيا بنا
لنحرق شعر المديح ، وشعر الطبيعة والحب
والعبرات
وكل الروايات والأغنيات القديمة والوجع
العاطفي
وما ترك الغرب والشرق فينا من الذكريات
وهيا بنا
لنصنع من كل حبة رمل خليه
وننجز خطتنا المرحلية
سننتج في اليوم ألف شعار وعشرين شاعر
فإن كانت الأرض عاقر
فإن القيادة حبلى بما يجعل الأرض خضراء
حطوا الشعار وراء الشعار وراء الشعار
وهزوا الشعار، ليساقط الوعي فكره
تدير المصانع والثروة المستمرة
فنحن الذين
سننشئ جنة عمالنا القادمين
من الفكرة المطلقة
إلى الفكرة المطلقة
ونحن الذين
سنحرق كل المراحل ..كى نصنع الطبقة
من المصنع اللغوي ، وكي نرفع الطبقة
إلى سدة الحكم حتى نعبر عنها بحزب
وثورة
ويا شعب .. يا شعب حزبك ، شد الحزام
لتحمى النظام
من الفكرة البرجوازية الفاسدة
سنبحث عشرين عام
عن القيمة الزاندة
وعن سارقي عرق الفقراء الحرام
لنعرف أين التناقض فى المجتمع
وأين التعارض بين القيادة والقاعدة
لنعرف أنماطنا والبنى وطبيعة هذا النظام ،
ولكننا ندرك الآن أن الطبيعة أفقر منا
وندرك أن السلع
دليل على النمط البرجوازي، فاجتنبوها
لننتج وعيًا جديدًا
وربوا الشعارات .. وادخروها
وإن صدئت طوروها
وإن جاع
أولادكم فاطبخوها
وفي عيد مايو كلوها
وصلوا لها و أعبدوها
وان مسكم مرض .. علقوها
على موضع الداء فهى الدواء
وثروتنا في بلاد بغير معادن
وواقعنا ما نريد له أن يكون
وليس كما هو كائن ..
فماذا سننتج غير الشعارات ؟
وهى رسالتنا الرائدة .
وإذا استثمرت جيدا
أثمرت بلدا سيدا
حالمًا سالمًا
بحزب وفكره
وصفوا التماثيل أعلى من النخل والأبنية
وصف التماثيل أفضل للوعى من أمهات
النخيل
تماثيل أفضل للوعي من أمهات النخيل
تماثيل ترفع كفى إليكم وتعلي تعاليم حزب
لشعب نبيل
تذكركم بنشيد الطلائع : نحن أتينا لكي
ننتصر
ولابد للقيد أن ينكسر
ولابد مما يدل على الفرق بين النظام الجديد
وبين النظام العميل
ولابد من صورة الفرد كي يظهر الكل في
واحد
تماثيل تعلو على الواقع المندحر
وتخلق مجتمع الغد من فكرة تزدهر
فلا تجدعوا أنفها عندما تسغبون
ولا تملأوا يدها بالرسائل ضدي وضد
السجون
ولا تأذنوا للحمام المهاجر أن يستريح
عليها ..
ولا ترسموا حول أعناقها صورة للرغيف
الحزين
ولا تبصقوا حولها ضجرا
ولا تنظروا شذرا
سأزرع التماثيل جيش الدفاع عن الأمنية
وجيش مكافحة السخرية
سنصمد مهما تحرش هذا الجفاف بنا
سنصمد مهما تنكر هذا الزمن
سنصمد حتى نهاية هذا الوطن
سنصمد حتى تجف المياه ..لآخر قطره
وحتى يموت الرغيف الأخير ..لآخر كسره
وحتى نهاية أخر متز كان يحلم مكى .بأخر
ثوره
فإن مات هذا الوطن
فقد عشت من أجل فكره
فموتوا ، كما لم يمت أحد قبلكم
ولا تسألوا الحزب من أجل أية فكره
نموت ؟
ومن أجل أية ثورة .. نموت ؟
فمن كل فكره
ستولد ثورة
ومن كل ثورة
ستولد فكره
سلام عليكم
سلام على فكرةٍ
سوف تولد من موت شعبٍ وفكره !
خطاب النساء !
على كل امرأة حارسان
وفى كل امرأة أفعوان .
ألا .. فاجلدوهن قبل الآوان و
اجلوهن في الصبح جلده ،
لئلا يوسوس فيهن شيطانهن ،
وفى الليل جلده
لئلا يعدن إلى لذة الإثم
واستغفروا الله ، وارموا
على مرفأ الجرح ورده
ولا تهجروهن فوق المخدة
فإن النساء على كل معصية قادرات
وإن النساء حبيباتنا من قديم الزمان
تزوجت خمسين مرة . .
لأعرف مرة
إذا كان ابني هو ابني
وأي ولي على العهد كنت أباه
وفى كل مرة ،
أرى رجلا واقفا بن قلبى وامرأتى
ولكنني .لا أراه
لأقتله أو لأقتلها ، بيد أنى أراه
ويقتلني كل يوم وفى كل سهره
يهاجمني عاشق سابق عند باب القرنفل
يغيب لأدخل ..ثم أنام .. فيدخل
فكيف أحرر أحساد زوجاتنا من أصابع
غيري؟.
وكيف أغير جلدا بجلد .ونهدا بنهد.. ونهرا
بنهر؟.
وكيف أكون امرأة من بياض البداية ؟
وهل أستطيع دخول الحكاية
وعندي من الليل ألحر من ألف ليلة
أكثر من ألف امرأة لا تغير فخ الحكاية
ولكن قلبي موله
وعرشي مؤله
وفى كل امرأة شهرزاد .. وثعلب
وفى كل طاغية شهريار المعذب .
وان النساء على كل معصيـة قادرات
وأن النساء حبيباتنا
ضربن على سحرهن الحجاب
فشب الدبيب بأجسادهن ، وضاجعن
أول مفتاح باب
وأول قط ، وأول ساعي بريد ، وأول كتاب
هذا الخطاب
وبرأن عائشة من ظنون عليٍ
ولكن تأوهن بعد العتاب
أصحراء حول الحميراء، مطلع ليل، وشاب
طلى الشباب
لماذا .. لماذا .. ؟
وكيف تحرش ملح بثوب الحرير الأخير ..
وذاب ؟.
ضربن على سحرهن الحجاب
ولكن هذا الذي لا يرى قد رأى واستجاب
فهل تتغطى العواصف يوما بشال
السحاب ؟.
وماذا وراء الحجاب ؟. -
إلا أنهن «صواحب يوسف »
رغم الحزام ، ورغم الحرام ، ورغم العقاب
قوارير تكسر ..
أساطير تسحر..
وذاكرة للغياب
ففي أي بئر نخبئ زوجاتنا
وفى أي غاب ؟
وفى وسعهن ملاقاة أى هلالٍ ..
ينام على غيمة أو سراب ..
وفى وسعهن خيانتنا بين أحضاننا
والبكاء من الحب .. والاغتراب
وفى وسعهن إزالة أثارنا عن مواضع
أسرارهن .
كما يطرد المرء عن راحتيه الذباب
ويلبسن في كل يومين قلبا جديدا
كما يرتدين الثياب
فما نفع هذا الحجاب
وما نفع هذا العقاب ؟
وإن النساء على كل معصية قادزات
وان النساء حبيباتنا ..
تعبت .. ولو أستطيع جمعت النساء ..
بواحدة واسترحت
وأنجبت منها وليا على العهد حين أشاء
وليا على العهد مثلي وجدي
صحيحا فصيحا يواصل عهدي
ويحفظ خير سلاله
لخير رسالة
ويجمعكم حول قصري ومجدي هاله
ولكنني قلق ، فالنساء هواء وماء
وفاكهة للشتاء
وذاكرة من هواء
وان النساء إماء
يغيرن عشاقهن كما يشتهى كيدهن العظيم
وكيدي عظيم .. ولكن فيه موهبة للبكاء
وفيهن ما أحزن الأنبياء
وما أشعل الحرب بين الشعوب
وما أبعد الناس عن ملكوت السماء
فكيف أحل سؤال النساء؟.
وكيف أحرركم من دهاء النساء؟
على كل امرأة أن تخون معي زوجها
لأعرف أنى أبوكم
وأخذ منكم ومنهن كل الولاء..
وقد تسألون : وكيف تنفذ مذا القرار ؟
أقول : سأعلن حربا على دولة خاسرة
يشارك فيها الكبار
ومن بلغ العاشرة ..
سأعلن حربا لمدة عام
تكون النساء عليكم حرام
وأبعث غلمان قصري- وهم عاجزون - إلى
كل بيت
ليأتوا إليَّ بكل فتاة وبنت
لأحرث من شئت منهن :
بعد الظهيرة - بنت
وفى الليل - بنت
وفى الفجر - بنت
لتحمل منى جميع البنات
وينجبن مني وليا على العهد .. مئى ..
سأختاره كيف شئت
صحيحا فصيحا مليح القوام
.. وبعدئذ أوقف الحرب ، من بعد عام
وأعلن عيد السلام
وأعرف مرة
لأول مرة
بأن الولي على العهد .. إبنى
وأنيَّ أبني
بلادا بلا دنس أو حرام
فألف سلام عليكم
وإن النساء حلال عليكم
فلا تهجروهن ، لا تضربوهن ، هن الحمام
وهن حبيباتنا ، والسلام عليكم .. .. عليهن
ألف سلام ..
وألف سلام !!
خـطاب الخطاب !
إذا زادت المفردات عن الألف ، جفت عروق
الكلام
وشاع فساد البلاغة .. وانتشر الشعر بين
العوام ،
وصار على كل مفردة أن تقول وتخفى
ما حولها من غمام
فأن تمدح الورد معناه ، أنك تهجو الظلام
وأن تتذكر برق السيوف القديمة معناه : أنك
تهجو السلام
وأن تذكر الياسمين وحيدًا ،وتضحك ، معناه :
أنك تهجو النظام
ولا تستطيع الحكومة شنق المجاز ونفى
الأسى عن هديل الحمام .. .
وبين الطباق وبين الجناس تقول القصيدة ما
بيننا من حطام
وتنشئ عالمها المستقل وتهرب من شرطتي
في الزحام
وتخلق واقعها فوق واقعنا ، أو تجردنا من
سياج المنام
فيصبح حلم الجماهير فوضى ، ولا نستطيع
التدخل بين النيام
أنا سيد الحلم ! لاتجلسوا حول قصرى
بغير الطعام
و لاتأذنوا للفراشات بالطيران الإباحى فى
لغة من رخام ..
.. فمن لغتي تأخذون ملامح أحلامكم مرة
كل عام .
.. ومن لغتي تعرفون الحقيقة فى لفظتين :
حلال ، حرام
فلا تبحثوا فى القواميس عن لغةٍ لا تليق
بهذا المقام ،
فان زادت المفردات عن الألف عم الفساد ..
وساد الخراب ،
لأن الكلام الكثير غبار الذباب
وأن نظام الخطاب
خطاب النظام ..
وفى لغتي قوتي . واقعي لغتي واقعي
ما يقول الخطاب
فقد تربح النظرية مايخسر الشعب ،
والشعب عبد الكتاب
وليس على النهر أن يتراجع عما فتحنا له
من سياق وغاب
سنجرى معا فوق موج الدفاع عن الاندفاع
الكبير لفكر الصواب
وماذا لو اكتشف القوم أن الدروب إلى
الدرب معجزة من سراب !
وماذا لو ارتطم البر بالبحر والبحر بالبحر ،
وامتد فينا العباب !
إلى أين يا بحر تأخذنا ؟ والخطاب يواصل
خطبته في اليباب
أنرجع من حيث ضعنا ؟ إلى أين يرجع هذا
الكلام .. إلى أى باب ؟!
قطعنا كثيرا من القول ، فليتبع الفعل
خطوتنا في طريق العذاب
ولكن إلى أين نرجع يابحر ؟ والبر ذاكرة
صلبة للسحاب
قطعنا قليلا من الفعل : فليملأ القرل ساحة
هذا الخراب
ليسر الخطاب على موت أبنائنا الفائبين ..
ويعلو الضباب
إلى شرفة القصر .. والمنبر الحجرى المغطى
بعشب الغياب
لا تسألوا : من يذيع الخطاب الأخير : أنا أم
خطاب الخطاب ؟
فقد يصدق القول . قد يكذب القائلون ،
ويحيا الغبار ويفنى التراب .
وقد تجهض الأم حين تشك بأن الجنين ابنها
ليعيش الخطاب
خطابي حريتي ، باب زنزانة من ثلاثين
مفردة لا تصاب ،
بصدمة واقعها . لاتفير إيقاعها ، ولا تقدم
إلا الجواب ،
كلامي غاية هذا الكلام
خطابي واقع هذا الخطاب
لأن خطاب النظام
نظام الخطاب ..
خطابي شد المسافات بين الكلام وبين معانى
الكلام
إذا جف ماء البحيرات ، فلتعصروا لفظة
من خطاب السحاب
وإن مات عشب الحقول ، كلوا مقطعا من
خطاب الطعام
وإن قصت الحرب أرضى ، فلتشهروا
مقطعا من خطاب الحسام
ففي البدء كان الكلام ، وكان الجلوس على
العرش
في البدء كان الخطاب .
سنمضى معا ، جثة . جثة ، فى الطريق
الطويل على لغة من صواب
وماذا لو ابتعد الفجر عنا ، ثلاين عاما
وخمسين عاما .. ونام !
أما قلت يوم جلست على العرش إن العدو
يريد سقوط النظام
وان البلاد تروح وتأتى ؟ وان المبادئ ترسو
رسو الهضاب !
وان قوى الروح فينا خطاب سيبقى ، ولم
يبق غير الخطاب !
فلا تسرفوا في الكلام لئلا تبدد سلطة هذا
الكلام ..
ولا تدخلوا في الكناية كي لا نضل الطريق
ونفقد كنز السراب
ولا تقربوا الشعر ، فالشعر يهدم صرح
الثوابت في وطن من وئام
وللشعر تأويله ، فاحذروه كما تحذرون الزنى
والربا والحرام .
.. وان زادت المفردات عن الألف باخ الكلام
وشاخ الخطاب
وفاضت ضفاف المعاني ليتضح الفرق بين
الحَمام وبين الحمام
.. وفى لغتي ما يدير شئون البلاد ، ويكفى
ويكفى لنستورد الخبز ،
يكفى لنرفع سيف البطولة فوق السحاب .
وفى لغتي ما يعبر عن حاجة الشعب لححتفال
بهذا الخطاب
فلا تسرفوا في ابتكار الكثير من المفردات
وشدوا الحزام
فان ثلاثين مفردة تستطيع قيادة شعب يحب
السلام .
وإن خطاب النظام
نظام الخطاب ..

ماذا تبقى من بلاد الأنبياء ؟


ماذا تبقى من بلاد الأنبياء..
لا شيء غير النجمة السوداء
ترتع في السماء..
لا شيء غير مواكب القتلى
وأنات النساء
لا شيء غير سيوف داحس التي
غرست سهام الموت في الغبراء
لا شيء غير دماء آل البيت
مازالت تحاصر كربلاء
فالكون تابوت..
وعين الشمس مشنقةُ
وتاريخ العروبة
سيف بطش أو دماء..
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء
خمسون عاماً
والحناجر تملأ الدنيا ضجيجاً
ثم تبتلع الهواء..
خمسون عاماً
والفوارس تحت أقدام الخيول
تئن في كمد.. وتصرخ في استياء
خمسون عاماً في المزاد
وكل جلاد يحدق في الغنيمة
ثم ينهب ما يشاء
خمسون عاماً
والزمان يدور في سأم بنا
فإذا تعثرت الخطى
عدنا نهرول كالقطيع إلى الوراء..
خمسون عاماً
نشرب الأنخاب من زمن الهزائم
نغرق الدنيا دموعاً بالتعازي والرثاء
حتى السماء الآن تغلق بابها
سئمت دعاء العاجزين وهل تُرى
يجدي مع السفه الدعاء..
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
أترى رأيتم كيف بدلت الخيول صهيلها
في مهرجان العجز…
واختنقت بنوبات البكاء..
أترى رأيتم
كيف تحترف الشعوب الموت
كيف تذوب عشقاً في الفناء
أطفالنا في كل صبح
يرسمون على جدار العمر
خيلاً لا تجيء..
وطيف قنديل تناثر في الفضاء..
والنجمة السوداء
ترتع فوق أشلاء الصليب
تغوص في دم المآذن
تسرق الضحكات من عين الصغار
الأبرياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ما بين أوسلو
والولائم.. والموائد والتهاني.. والغناء
ماتت فلسطين الحزينة
فاجمعوا الأبناء حول رفاتها
وابكوا كما تبكي النساء
خلعوا ثياب القدس
ألقوا سرها المكنون في قلب العراء
قاموا عليها كالقطيع..
ترنح الجسد الهزيل
تلوثت بالدم أرض الجنة العذراء..
كانت تحدق في الموائد والسكارى حولها
يتمايلون بنشوة
ويقبلون النجمة السوداء
نشروا على الشاشات نعياً دامياً
وعلى الرفات تعانق الأبناء والأعداء
وتقبلوا فيها العزاء..
وأمامها اختلطت وجوه النساء
صاروا في ملامحهم سواء
ماتت بأيدي العابثين مدينة الشهداء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
في حانة التطبيع
يسكر ألف دجال وبين كؤوسهم
تنهار أوطان.. ويسقط كبرياء
لم يتركوا السمسار يعبث في الخفاء
حملوه بين الناس
في البارات.. في الطرقات.. في الشاشات
في الأوكار.. في دور العبادة
في قبور الأولياء
يتسللون على دروب العار
ينكفئون في صخب المزاد
ويرفعون الراية البيضاء..
ماذا سيبقى من سيوف القهر
والزمن المدنس بالخطايا
غير ألوان البلاء
ماذا سيبقى من شعوب
لم تعد أبداً تفرق
بين بيت الصلاة.. وبين وكر للبغاء
النجمة السوداء
ألقت نارها فوق النخيل
فغاب ضوء الشمس.. جف العشب
واختفت عيون الماء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ماتت من الصمت الطويل خيولنا الخرساء
وعلى بقايا مجدها المصلوب ترتع نجمة سوداء
فالعجز يحصد بالردى أشجارنا الخضراء
لا شيء يبدو الآن بين ربوعنا
غير الشتات.. وفرقة الأبناء
والدهر يرسم صورة العجز المهين لأمة
خرجت من التاريخ
واندفعت تهرول كالقطيع إلى حمى الأعداء..
في عينها اختلطت
دماء الناس والأيام والأشياء
سكنت كهوف الضعف
واسترخت على الأوهام
ما عادت ترى الموتى من الأحياء
كُهّانها يترنحون على دروب العجز
ينتفضون بين اليأس والإعياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
من أي تاريخ سنبدأ
بعد أن ضاقت بنا الأيام
وانطفأ الرجاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
يتسلل الضوء العنيد من البقيع
إلى روابي القدس
تنطلق المآذن بالنداء
ويطل وجه محمد
يسري به الرحمن نوراً في السماء..
الله أكبر من زمان العجز..
من وهن القلوب.. وسكرة الضعفاء
الله أكبر من سيوف خانها
غدر الرفاق.. وخِسة الأبناء
جلباب مريم
لم يزل فوق الخليل يضيء في الظلماء
في المهد يسري صوت عيسى
في ربوع القدس نهراً من نقاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
يتساقط الأمل الوليد
على ربوع القدس
تنتفض المآذن يبعث الشهداء
تتدفق الأنهار.. تشتعل الحرائق
تستغيث الأرض
تهدر ثورة الشرفاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
رغم اختناق الضوء في عيني
ورغم الموت.. والأشلاء
مازلت أحلم أن أرى قبل الرحيل
رماد طاغية تناثر في الفضاء
مازلت أحلم أن أرى فوق المشانق
وجه جلاد قبيح الوجه تصفعه السماء
مازلت أحلم أن أرى الأطفال
يقتسمون قرص الشمس
يختبئون كالأزهار في دفء الشتاء
مازلت أحلم…
أن أرى وطناً يعانق صرختي
ويثور في شمم.. ويرفض في إباء
مازلت أحلم
أن أرى في القدس يوماً
صوت قداس يعانق ليلة الإسراء..
ويطل وجه الله بين ربوعنا
وتعود.. أرض الأنبياء

أيام التعذيب

خبرات النساء فى أقسام الشرطة
مع العام الحالي 2004 يكون مركز النديم قد أمضى عشر سنوات من العمل المستمر في مساندة وعلاج ضحايا العنف على اختلاف أشكاله ، كما التقى أطباؤه و مازالوا يلتقون بأناس عديدين تعرضوا لأحط الأفعال و أكثرها بشاعة في عمليات التعذيب المنظمة بأماكن الاحتجاز، هؤلاء الضحايا الذين يجدون أنفسهم بين لحظة وأخرى أسرى لجهاز متوحش، معصوبي العينين و بمعزل عن العالم الخارجي..
و ربما تمثل عمليات التعذيب تلك مجالا متفردا تتجلى فيه العدالة والمساواة بين أفراد العائلة الواحدة، فرجال الداخلية يوزعون الركلات و اللكمات و الصفعات و صدمات الكهرباء على الجميع شيوخ وأطفال، رجال و نساء، مقيدين لا يملكون في أغلب الأحيان سوى الأنين و التوسلات ثم محاولة جمع شتات النفس لقص الخبرة الرهيبة على من يمكنه تحمل سماعها، هذا إذا لم تأت الوفاة تحت وطأة التعذيب لتنهي معاناتهم إلى الأبد...
وقد رصد عدد من المنظمات المحلية و الدولية المعنية بحقوق الإنسان و عدد من الهيئات التابعة للأمم المتحدة حالات التعذيب مع توثيقها و إصدار توصيات موجهة للحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات من شأنها القضاء على تلك الظاهرة، و لسنا هنا في حاجة لذكر تقاعس الحكومة عن تنفيذ اغلب هذه التوصيات، بل هي تمد العمل بقانون الطوارئ و تعتقل معارضيها و تقوم باستيراد بعض أجهزة التعذيب و في ذات الوقت لا تكف عن ادعاء الديمقراطية و الاهتمام بحقوق الإنسان و كرامته بل و تشكيل المجالس المكملة لهذا المشهد العبثي...
إننا إذ نرصد هنا بعض حالات التعذيب التي التقيناها بعينها فذلك لأن جرائم التعذيب قد شهدت تطورا نوعيا هاما و خطيرا في السنوات الأخيرة ألا وهو تفشي التعذيب الجنسي للنساء في أماكن الاحتجاز سواء مقار مباحث أمن الدولة أو أقسام الشرطة حيث قامت بعض المنظمات – بالإضافة إلى مركز النديم - كالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، بتوثيق تلك الظاهرة و أفرد المركز المصري لحقوق المرأة ، تقريرا خاصا بشأنها كما رصد مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء "تزايد ظاهرة التهديد بهتك العرض و هتكه فعلا وأنه يمثل انفلاتا أخلاقيا خطيرا حيث لم يكن هذا النوع من التعذيب شائع من قبل ".
في هذا السياق التقى أطباء مركز النديم بالكثير من الضحايا، سيدات و شابات بل وفتيات صغيرات تعرضن للتعذيب الجنسي، وعلى اختلاف المحافظات وأماكن الاحتجاز و الاتهامات الواهية التي يسوقها زبانية التعذيب كان تسلسل الأحداث متماثلا لحد كبير..
تبدأ الجريمة منذ لحظة الهجوم على المنزل ليلا لاستعراض القوة و ترويع الجميع حيث لا يجرؤ أي شخص على التدخل أو حتى الاستفسار عما يحث فالذين ينتهكون القانون و يروعون المواطنين هم أنفسهم الموكلون بحمايته و حمايتهم!!!
و يتم تحطيم ما بالمنزل فالإهانة و الضرب و السحل ثم الاعتقال و لا تستحي القوات من اقتحام الغرف و جرجرة النساء بملابس النوم أو حتى الملابس الداخلية إلى الشارع وسط سيول من السباب و الضرب، كما لا يبدأ حفل التعذيب الحقيقي إلا عند الوصول لمكان الاحتجاز التعليق و الصعق بالكهرباء، و لكي يكون التعذيب أكثر إيلاما للضحية و اكثر متعة للجلادين و لكي يتم التأكد من أن آثاره سوف تبقى أبد الدهر حتى لو اختفى الظاهر منها، فإن أفضل الوصفات هي تعذيب البدن مع كسر الكرمة والإذلال و المهانة، ولا يتحقق ذلك في أكمل صورة مثلما يتحقق في التعذيب الجنسي للنساء.. فيتم نزع ملابسهن، أو إجبارهن على خلعها تحت ضربات السياط أو التهديد بتعذيب أبنائهن، وتركهن عرايا أو شبه عرايا أمام عدد من العسكر والضباط ، ويبدأ التحرش بهن وهتك أعراضهن بطريقة تداني الاغتصاب الفعلي والإمساك بمواضع حساسة من أجسادهن....و قد يتم كل ذلك أمام أهل المحتجزة من الرجال سواء كان الزوج أو الابن أو الأخ أو آخرين، لماذا؟ لكي تعترف على أحد أقاربها أو لإجبار رجال أسرتها على الاعتراف... حتى لو كان اعترافا بجريمة لم يرتكبوها ليوقفوا جريمة أخرى ترتكبها أيدي رجال الداخلية تحت أعينهم...
لقد شاهدنا و عايشنا الآثار النفسية الناجمة عن التعذيب الجنسي و التي فاقت في قسوتها كل ما يمكن تخيله من الآم التعذيب الجسدي، حيث يعجز الجهاز العصبي للضحية عن التعامل مع الألم فينهار و ينتهي الأمر بالضحية في مستشفيات الأمراض النفسية.
و مع أن مركز النديم ساند هؤلاء الضحايا إعلاميا بجانب المساندة الطبية إلا أن ما حدث مؤخرا في قسم شرطة حلوان و الذي فاق كل تعاملنا معه في السنوات العشر الماضية جعلنا نقرر وضع كل تلك القضايا مجتمعة في بؤرة الضوء مع مقاومتنا الثابتة للتعذيب بشكل عام أيا ما كان نوعه و أيا ما كانت ضحيته.
الشهادات التالية تحمل أسماء غير حقيقية فلسنا هنا نسعى إلى نبش جروح و إيقاظ آلام من سوف يحتاجون العمر بأكمله لدفنها، و لنكن واثقين أنه طالما وصلنا إلى التعذيب الجنسي فإن الضحية قد تعرضت قبله لكافة صنوف التعذيب النفسي و الجسدي.
كذلك نود أن نشير إلى أن جميع النساء اللاتي احتجزن "بلا استثناء" قد تعرضن و أمهاتهن لسباب جنسي لكننا لم ندرج تلك الشهادات حيث أن تصنيفها وفقا للقانون الوطني المصري هو جريمة سب وقذف و ليس هتك عرض، و ننوه أيضا عن تهديد الغالبية العظمى من النساء المحتجزات بالاغتصاب عن طريق العسكر أو المحتجزين من الرجال.
و أخيرا فإن هؤلاء نساء جاءوا إلينا أو ذهبنا إليهن وملكن من الشجاعة القدر الكافي لكي يتحدثن عما جرى... إنها كلمات مكتوبة بالألم و العذاب... فلنعطها ما تستحق من احترام و اهتمام ، نحن نعلم الآن ماذا يجري و لا يجوز أن نعيش أيامنا كما لو كنا لا نعلم!!! أقتباس

أيام التعذيب

خبرات النساء فى أقسام الشرطة
مع العام الحالي 2004 يكون مركز النديم قد أمضى عشر سنوات من العمل المستمر في مساندة وعلاج ضحايا العنف على اختلاف أشكاله ، كما التقى أطباؤه و مازالوا يلتقون بأناس عديدين تعرضوا لأحط الأفعال و أكثرها بشاعة في عمليات التعذيب المنظمة بأماكن الاحتجاز، هؤلاء الضحايا الذين يجدون أنفسهم بين لحظة وأخرى أسرى لجهاز متوحش، معصوبي العينين و بمعزل عن العالم الخارجي..
و ربما تمثل عمليات التعذيب تلك مجالا متفردا تتجلى فيه العدالة والمساواة بين أفراد العائلة الواحدة، فرجال الداخلية يوزعون الركلات و اللكمات و الصفعات و صدمات الكهرباء على الجميع شيوخ وأطفال، رجال و نساء، مقيدين لا يملكون في أغلب الأحيان سوى الأنين و التوسلات ثم محاولة جمع شتات النفس لقص الخبرة الرهيبة على من يمكنه تحمل سماعها، هذا إذا لم تأت الوفاة تحت وطأة التعذيب لتنهي معاناتهم إلى الأبد...
وقد رصد عدد من المنظمات المحلية و الدولية المعنية بحقوق الإنسان و عدد من الهيئات التابعة للأمم المتحدة حالات التعذيب مع توثيقها و إصدار توصيات موجهة للحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات من شأنها القضاء على تلك الظاهرة، و لسنا هنا في حاجة لذكر تقاعس الحكومة عن تنفيذ اغلب هذه التوصيات، بل هي تمد العمل بقانون الطوارئ و تعتقل معارضيها و تقوم باستيراد بعض أجهزة التعذيب و في ذات الوقت لا تكف عن ادعاء الديمقراطية و الاهتمام بحقوق الإنسان و كرامته بل و تشكيل المجالس المكملة لهذا المشهد العبثي...
إننا إذ نرصد هنا بعض حالات التعذيب التي التقيناها بعينها فذلك لأن جرائم التعذيب قد شهدت تطورا نوعيا هاما و خطيرا في السنوات الأخيرة ألا وهو تفشي التعذيب الجنسي للنساء في أماكن الاحتجاز سواء مقار مباحث أمن الدولة أو أقسام الشرطة حيث قامت بعض المنظمات – بالإضافة إلى مركز النديم - كالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، بتوثيق تلك الظاهرة و أفرد المركز المصري لحقوق المرأة ، تقريرا خاصا بشأنها كما رصد مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء "تزايد ظاهرة التهديد بهتك العرض و هتكه فعلا وأنه يمثل انفلاتا أخلاقيا خطيرا حيث لم يكن هذا النوع من التعذيب شائع من قبل ".
في هذا السياق التقى أطباء مركز النديم بالكثير من الضحايا، سيدات و شابات بل وفتيات صغيرات تعرضن للتعذيب الجنسي، وعلى اختلاف المحافظات وأماكن الاحتجاز و الاتهامات الواهية التي يسوقها زبانية التعذيب كان تسلسل الأحداث متماثلا لحد كبير..
تبدأ الجريمة منذ لحظة الهجوم على المنزل ليلا لاستعراض القوة و ترويع الجميع حيث لا يجرؤ أي شخص على التدخل أو حتى الاستفسار عما يحث فالذين ينتهكون القانون و يروعون المواطنين هم أنفسهم الموكلون بحمايته و حمايتهم!!!
و يتم تحطيم ما بالمنزل فالإهانة و الضرب و السحل ثم الاعتقال و لا تستحي القوات من اقتحام الغرف و جرجرة النساء بملابس النوم أو حتى الملابس الداخلية إلى الشارع وسط سيول من السباب و الضرب، كما لا يبدأ حفل التعذيب الحقيقي إلا عند الوصول لمكان الاحتجاز التعليق و الصعق بالكهرباء، و لكي يكون التعذيب أكثر إيلاما للضحية و اكثر متعة للجلادين و لكي يتم التأكد من أن آثاره سوف تبقى أبد الدهر حتى لو اختفى الظاهر منها، فإن أفضل الوصفات هي تعذيب البدن مع كسر الكرمة والإذلال و المهانة، ولا يتحقق ذلك في أكمل صورة مثلما يتحقق في التعذيب الجنسي للنساء.. فيتم نزع ملابسهن، أو إجبارهن على خلعها تحت ضربات السياط أو التهديد بتعذيب أبنائهن، وتركهن عرايا أو شبه عرايا أمام عدد من العسكر والضباط ، ويبدأ التحرش بهن وهتك أعراضهن بطريقة تداني الاغتصاب الفعلي والإمساك بمواضع حساسة من أجسادهن....و قد يتم كل ذلك أمام أهل المحتجزة من الرجال سواء كان الزوج أو الابن أو الأخ أو آخرين، لماذا؟ لكي تعترف على أحد أقاربها أو لإجبار رجال أسرتها على الاعتراف... حتى لو كان اعترافا بجريمة لم يرتكبوها ليوقفوا جريمة أخرى ترتكبها أيدي رجال الداخلية تحت أعينهم...
لقد شاهدنا و عايشنا الآثار النفسية الناجمة عن التعذيب الجنسي و التي فاقت في قسوتها كل ما يمكن تخيله من الآم التعذيب الجسدي، حيث يعجز الجهاز العصبي للضحية عن التعامل مع الألم فينهار و ينتهي الأمر بالضحية في مستشفيات الأمراض النفسية.
و مع أن مركز النديم ساند هؤلاء الضحايا إعلاميا بجانب المساندة الطبية إلا أن ما حدث مؤخرا في قسم شرطة حلوان و الذي فاق كل تعاملنا معه في السنوات العشر الماضية جعلنا نقرر وضع كل تلك القضايا مجتمعة في بؤرة الضوء مع مقاومتنا الثابتة للتعذيب بشكل عام أيا ما كان نوعه و أيا ما كانت ضحيته.
الشهادات التالية تحمل أسماء غير حقيقية فلسنا هنا نسعى إلى نبش جروح و إيقاظ آلام من سوف يحتاجون العمر بأكمله لدفنها، و لنكن واثقين أنه طالما وصلنا إلى التعذيب الجنسي فإن الضحية قد تعرضت قبله لكافة صنوف التعذيب النفسي و الجسدي.
كذلك نود أن نشير إلى أن جميع النساء اللاتي احتجزن "بلا استثناء" قد تعرضن و أمهاتهن لسباب جنسي لكننا لم ندرج تلك الشهادات حيث أن تصنيفها وفقا للقانون الوطني المصري هو جريمة سب وقذف و ليس هتك عرض، و ننوه أيضا عن تهديد الغالبية العظمى من النساء المحتجزات بالاغتصاب عن طريق العسكر أو المحتجزين من الرجال.
و أخيرا فإن هؤلاء نساء جاءوا إلينا أو ذهبنا إليهن وملكن من الشجاعة القدر الكافي لكي يتحدثن عما جرى... إنها كلمات مكتوبة بالألم و العذاب... فلنعطها ما تستحق من احترام و اهتمام ، نحن نعلم الآن ماذا يجري و لا يجوز أن نعيش أيامنا كما لو كنا لا نعلم!!! أقتباس

جمال مبارك وشباب الأنترنت

حوار جمال مع الشباب عبر الإنترنت
أثار السخرية في الوقت الذي يعتقل نظام والده المدونين
داليا الهمشريقالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية إن توجه جمال مبارك إلي الإنترنت قد أثار السخرية لأنه استخدم هذا المنبر في الوقت الذي يقوم فيه نظام والده باعتقال المدونين وناشطي الإنترنت، واعتبر بعض منتقدي النظام أن هذه الخطوة تتناقض مع سمعة النظام في قمع المعارضة السياسية المتنامية علي الإنترنت، فيما أشارت الصحيفة الأمريكية في التقرير الذي نشرته علي موقعها الإلكتروني أمس إلي أن الطابع الإنتقائي للإجابات عن الأسئلة قد أضاف مزيداً من الشكوك حول الهدف الحقيقي لحوار جمال مبارك مع شباب الإنترنت. أبرزت الصحيفة أن جمال مبارك عقد حواراً عبر الإنترنت هذا الأسبوع مع 12 ألفاً من مستخدمي الإنترنت في مصر
في محاولة لتعزيز شعبيته في أوساط الشباب استعدادا للانتخابات الرئاسية القادمة المقررة في 2011। وأشارت الصحيفة الأمريكية إلي أن نجل الرئيس دعا الشباب من خلال منتداه الجديد للمشاركة من خلال إرسال أسئلتهم ومخاوفهم للسياسيين للإجابة عنها، ودارت معظم هذه الاستفسارات حول ارتفاع معدل التضخم في البلاد والظروف المعيشية الصعبة والفساد وسياسات الحزب الوطني الحاكم، والاستفسار الشائع حول من الذي سيخلف الرئيس الحالي। وأوضحت الصحيفة أن معظم الأسئلة تم انتقاؤها من قبل الحزب الحاكم، وقد حضر الحوار الذي بث علي شبكة الإنترنت من خلال دائرة تليفزيونية مغلقة عدد من كبار أعضاء الحزب الوطني والوزراء من بينهم وزير التعليم العالي هاني هلال। وقالت الصحيفة إن أمين لجنة السياسات بالوطني قال خلال إجاباته إنه متفائل حول مستقبل مصر، وأكد لجمهور الإنترنت أن شكاوي الناس اللانهائية من ارتفاع الأسعار قد انخفضت بشكل ملحوظ، وأضاف أن النفقات الاجتماعية أصبحت من الأولويات القصوي للحكومة। وأضافت الصحيفة أنه علي الرغم من تطرق جمال لعدد من القضايا بما فيها الصحة والتعليم والصناعة والمدن المهمشة في مصر، فأنه لم يجب عن الاستفسارات الأخري المتعلقة باحتمال ترشيحه للرئاسة خلفاً لوالده، وهو التساؤل الذي يسيطر علي ذهن الجميع। وأشارت الصحيفة إلي أن توجه نجل الرئيس إلي الفضاء الإلكتروني حمل نوعاً آخر من السخرية، ولاسيما في الوقت الذي يقوم فيه نظام والده باعتقال المدونين وناشطي الإنترنت، حيث اعتبر بعض منتقدي النظام أن هذه الخطوة تتناقض مع سمعة النظام في قمع المعارضة السياسية المتنامية علي الإنترنت، فقد قام النظام مؤخراً باعتقال عدد من المدونين من بينهم كريم عامر ومسعد أبو فجر وأحمد خليل وأحمد أبو دومة وكثيرين غيرهم نتيجة لآرائهم المعادية للرئيس مبارك أقتباس

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009


الكابوس يطلّ من شرفة الأحلام
لأنّها السياسة ذات الحسابات المعقدة فأنا مازلت مصرا علي خطورة ما يجري علي خلفية انتخابات الرئاسة القادمة في مصر، بل إنني قد أصبحت أكثر إصرارًا علي ذلك بعد تصريح الدكتور محمد البرادعي الذي أعلن فيه إمكانية ترشّحه للرئاسة إذا توافرت ضمانات نزاهة وسلامة العملية الانتخابية، لأن هذا التصريح من وجهة نظري قد أضفي علي المشهد مزيدا من الخطورة بعد أن بدأت بعض القوي والتيارات السياسية المختلفة في تبنّي الفكرة محاولة منها في دفع العجلة إلي الأمام، وأملاً في حلم التغيير أو حتي محاولة الإقناع بإمكانية حدوثه، فعلي الرغم من أنني أتطلّع نحو نفس الهدف فإنني لا أسلك نفس الاتجاه، بل أري في معالجة الأمر علي هذا النحو الكثير من الخطورة والمخاطرة، وليس معني هذا أبدا أنني أقلل من شأن رجل مثل الدكتور محمد البرادعي أو أدّعي أنه ليس أهلا لرئاسة مصر،
لأن الحكاية من أساسها ليست أبدا تقييما للرجل أو لقدرته علي خوض التجربة وإنما الهدف أولا وأخيرا كسر الجمود السياسي في مصر، والبرادعي - أو غيره - ليس إلا لبنة لحلم رئيس لا يعبر عن رفض الحاضر بقدر ما يعبر عن الأمل في المستقبل، رئيس يعيد صياغة الواقع السياسي ويقفز علي المقولة التي تزعم عدم وجود بديل مناسب للنظام الحالي، رئيس يمثل معادلا موضوعيا مقبولا للعامة في ظل غياب قيادات قوية أفرزتها الحياة السياسية الراكدة عندنا، ولهذا فقد لقي تصريح البرادعي استجابة شعبية سريعة وردود فعل جيدة في الشارع وكذلك علي شبكة الإنترنت رغم أننا مازلنا في بداية التجربة، ومن المتوقع أن يتزايد التأييد يوما بعد يوم، ومع أن هذا جميل فإنه أيضا خطير، فالبرادعي مازال لم يقرر بوضوح خوض الانتخابات الرئاسية، وما حدث ليس إلا إعلان نوايا مشروطاً بشروط ربما كانت مستحيلة في الأجل القريب، أضف إلي ذلك الكثير من القيود والعراقيل الدستورية التي قد تحرمه أصلا من شرف المحاولة إلا بانضمامه إلي الهيئة العليا لأحد الأحزاب الشرعية القائمة علي الساحة قبل عام كامل من فتح باب الترشيح، علي أن يكون هذا الحزب ممثلا بعضو منتخب علي الأقل في البرلمان في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في العام القادم، وهو ما قد يمثل إعداما مبكرا للحزب والبرادعي معا، وربما أدي ذلك أيضا إلي زرع مزيد من الخلافات والفتن داخل أحزاب المعارضة الممزقة من الأساس، والمحصلة في النهاية قد تكون إحجام الدكتور البرادعي عن الترشيح وتراجعه عن الفكرة بعد أن يصبح الشعب مهيئا لها، وأخشي أن يقودنا هذا إلي حالة من الإحباط الشديد لدي الجماهير، وشعور باليأس والاستسلام الكامل للقدر المسمي بالحزب الوطني، ورسوخ القناعة الثابتة لدي الغالبية أنه لا أمل في التغيير، ولست أظن مطلقا أن من يدعم ترشيح البرادعي حاليا يرغب في ذلك، وتلك هي الخطورة التي أشير إليها والمخاطرة التي أتمني عدم الوقوع فيها لأنها قد تمثل ردّة إلي الوراء، ولو أنني كنت من المنظّرين للحزب الوطني أو من أصحاب القرار فيه لبادرت علي الفور بإعلان ترحيب الحزب بتصريح الدكتور البرادعي وتمنيت له كل التوفيق في إطار الدستور الذي سيحرمه في النهاية من هذا الترشيح أو يجبره علي التراجع تماما عنه، ليبقي الحزب الوطني بمرشحه وحيدا في الساحة بعد أن اختفي معظم من نافسوه علي استحياء في الانتخابات السابقة، ويبقي المصريون يضربون أخماسا في أسداس في انتظار المجهول.إنني أطالب الدكتور البرادعي بأن يحسم أمره ويعلن قراره بوضوح إقبالا أو إدبارا، فإذا فعلها فليقبل بشروط اللعبة المتعسفة أيا ما كانت، ولابد لكل القوي والتيارات السياسية أن تلتف حوله باعتباره مرشحها جميعا بصرف النظر عن اسم الحزب الذي سيتقدم من خلاله، فمهما تباينت الرؤي فلاشك أن هناك هدفا أساسيا يشترك فيه الجميع، ولن ينتقص من هذا الإجماع أن يرفضه البعض أو يتبني مرشحا آخر حتي لو كان مرشح الحزب الوطني، فنحن في حاجة ملحة لتحديد المواقف حتي وإن كانت مواقف زئبقية أو حسابات تجارية، فالناس قد تتقبل أن يفشل مرشحها في انتخابات يدرك الجميع جيدا مناخها، ولكنها لن تغفر أبدا له هروبه من الميدان قبل أن تبدأ المعركة، فيتحول حلمها في التقدم خطوات إلي الأمام إلي هرولة سريعة إلي الخلف، ويتحول البرادعي من واقع إلي سراب، ومن حلم جميل إلي كابوس نووي مدمر
.....................................
لازلت أحتفظ بصورة لبطاقة التصويت الخاصة بالإنتخبات الرئاسية في عام 2005 وقد أبطلت صوتي بكتابة علامة "اكس" علي الورقة مضيفا إليها كلمة باطل حيث لم أكن مقتنعا بالمرة بأي من المرشحين لأنهم جميعا جاؤا ديكورا للشكل الديمقراطي الذي سمح به مبارك كما لم أكن مقتنعا بأيمن نور ولازلت حتي الأن رغم تضامني معه أنه كان سجين رأي وليس مزورا , إلا أن تاريخه وأدائه لم يقنعوني به مرشحا لهذا المنصب الحساس , وخلال الأعوام الماضية تصاعدت بورصة الترشيحات واختلفت مع من روجوا لعمر سليمان وعمرو موسي وحتي أحمد زويل فالأول لأنه عسكري ولأن انتقال السلطة اليه لن يختلف مطلقا عما نرفضه جمعيا وهو مسلسل التوريث إلا أن عدد كبير من المناضلين القوميين يروجون له وعجبا وهم يرفعون شعار لا للتوريث , أم عمرو موسي فأنا لا أعرف سببا من الأساس لترشيحه ولست مقتنعا به سوي وزير خارجية ينفذ سياسات دولته بشكل وظيفي أما الدكتور زويل فلدي قناعة رغم مكانته العلمية إلا أنه بعيد عن مشاكل هذا الوطن وهمومه واهتمامته الأخيرة كانت نخبوية وتقنطراطية خلافا أنه يحمل جنسية أخري , وارتفعت بورصة الترشيحات لصالح محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي وصلت لحدها الأقصي بتصريحاته للس ان ان أن لا يماننع من ترشيح نفسه بشرط وجود ضمانات وهنا بدأت أفكر من جديد في مرشحي الرئاسة وبطاقة التصويت لعام 2011 ومصير ابطالي لصوتي فالرجل الذي يعيش لثلث عمره خارج مصر يريد المنصب بشروط النزاهة وهو شرط هام ومطلوب ولكن أين دوره هو في الدفع والمطالبه بهذا الحق
الأسئلة مازلت مفتوحة هل يصلح البرادعي رئيسا لمصر ولو لفترة انتقالية وان لم يصلح فمن البديل الذي يواجه هذا المافيا الحاكمة ولكن ربما الاجابة عن سؤال هل يصلح البرادعي رئيسا أم لا يحتاج لإجابة حتي تتضح باقي الصورة أقتباس

السبت، 14 نوفمبر 2009

مركزية تنظيم الإخوان والضغوط الأمنية لنظام مبارك
تعد هذه الدراسة من أهم وأجرأ ما كتب عن الحالة التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين ونشاطها العام وزاد من أهميتها أنها كتبت من داخل الجماعة ومن شخصية مستنيرة مثل الدكتور عصام العرياندراسة الدكتور العريان نشرتها الدستور في عددها الأسبوعي وناقش فيها ببحث مميز قضايا شديدة الحساسية داخل الجماعة لعل أهمها تفكيك مركزية التنظيم وإطلاق الجهود الفردية لأعضاء الجماعة بعيدا عن التمثيل الرسمي لها وإلي نص الدراسةلاشك ان هناك عقلاً أمنياً وسياسياً يخطط لتلك الحملات البوليسية الأمنية والإعلامية ضد الإخوان المسلمين والمستمرة منذ أكثر من 17 سنة .
ولابد أن تلك العقول تحسب حساب الخسائر والمكاسب فى تلك الحملات المتوالية والتى لم تنقطع بل تصاعدت مع مرور السنوات.وفى الإجمال نجد أن النتائج المتوقعة لم تكن كما يريد المخططون، وأن التداعيات السلبية على النظام السياسى فى مجمله وعلى المجتمع المصرى وعلى البيئة السياسية من أحزاب وقوى سياسية وحراك اجتماعى وثقافى لم تكن فى الحسبان تقريباً.وفى النظر السريع نجد الحصيلة على الأرض هى:- تنامت قوة الإخوان السياسية خلال الربع قرن الماضى، فعد أن كانت حليفاً ضمن حلفاء وقوة بين قوى إذا بها تصعد لتكون قوة منفردة تحصد 20 % من مقاعد البرلمان فى انتخابات شبه حرة بها قدر من النزاهة وتكسب تأييد قرابة 35 – 40 % من أصوات الناخبين فى الدوائر التى خاضت بها الانتخابات .- فى المقابل ضعفت القوى السياسية الأخرى وضمرت تماماً حتى أصبحت هياكل لا روح فيها خاصة الأحزاب الرسمية المعارضة.- تصاعد الخطاب الإسلامى السلفى فى مواجهة الخطاب "الإخوانى المعتدل الوسطى وبدت ظواهر اجتماعية نتيجة ذلك الخطاب محل الاهتمام وبدأت معارك جديدة حول النقاب واللحية والشكل العالم للمسلم والمسلمة بديلاً عن المعارك الأخرى حول الإصلاح والحريات والعدل والشورى والديمقراطية ونزاهة الانتخابات وتداول السلطة.- ساد التعامل الأمنى البوليسى فى كافة الملفات : سياسية واقتصادية وعلمية وتعليمية وإدارية .. الخ ، وغاب فى المقابل التعامل السياسى الإدارى وفق قواعد عامة مجردة واختفت بذلك دولة القانون وتحولت مصر الى دولة بوليسية.- تضخم التنظيم الإخوانى وكسب أنصاراً جدداً غالبيتهم من الشباب والفتيات وازداد امتداده خاصة فى المحافظات بالدلتا والصعيد وليس فى القاهرة والجيزة والمدن الكبرى التى تقوى فيها قبضة الأمن وتشتد .وتلك الحصيلة توحى بأن المكاسب الأكبر كانت للإخوان ، ولكن هل يعنى ذلك عدم وجو آثار جانبية أصابت الإخوان كفكرة أو جسد تنظيمى.وإذا سلمنا بأن أى حملة أمنية بوليسية لابد لها من آثار جانبية وخسائر، فيكون السؤال : كيف يمكن تدارك تلك الخسائر وتحويل بعضها إن لم يكن كلها إلى مكاسب ؟توقع المراقبون والمحللون عدّة آثار جانبية وفق مناهج البحث والتحليل الاجتماعى والسياسى، ووفق خبرات تراكمت من متابعة تطور الحركات الاجتماعية والسياسية كان أهمها :-1] النزوع إلى الغلو والتشدد والتطرف بدلاً من المرونة والوسطية والاعتدال.2] الاتجاه إلى العنف بديلاً عن الحلول السلمية والنزوع إلى العمل السرى.3] الإحباط والشعور بعدم جدوى المشاركة السياسية بسبب انسداد طريق الإصلاح السلمى المتدرج .4] ترييف الجماعة بتضخم الجسد التنظيمى فى الريف الذى يقل فيه الضغط الأمنى ويقل دوره فى الإسهامات السياسية والفكرية.5] فقدان العقل الاستراتيجى الذى يوظّف كافة طاقات الجماعة فى حال السلم لتحقيق أهدافها المرحلية وأهدافها النهائية تحت الضغط الامنى المتواصل.6] حدوث انقسامات فى الجسد التنظيمى الذي يتعرض للضربات الأمنية ويفتقد كل فترة ذوى الخبرة والحنكة التربوية والإدارية بتغييبهم وراء الأسوار.7] فقدان الثقة فى القيادة التى لم تستطع الخروج من المأزق الأمنى والسياسى.هناك توقعات أخرى لا يتسع لها المجال ولا ترقى لأهمية تلك التوقعات السابقة ، وإذا نظرنا نظرة إجمالية سنجد أنه مع طول فترة الضربات الأمنية وصعوبة تحقيق أهداف سريعة لها وإدراك العقل الأمنى والسياسى أنه لا أمل فى إلغاء أو شطب الإخوان من المجتمع المصرى ، وكذلك صعوبة – أو قل عدم الرغبة – فى إقصائهم تماماً من الساحة السياسية لأهداف يريدها النظام فإن قدرة الإخوان المسلمين على احتواء تلك الضربات وامتصاص آثارها الجانبية الخطيرة مثل الاستفزاز والاتجاه إلى العنف أو الإحباط واليأس من الإصلاح والقعود عن العمل والنشاط ثم المضى قدماً فى تحقيق أهداف الإصلاح والتغيير وبناء جسد الجماعة وتجديده باستمرار وتعويض الكفاءات الغائبة بغيرها والإصرار على الوجود العلنى الصريح للإخوان ومساهمتهم بقدر الإمكان فى النشاط العام البرلمانى والنقابى وتواصلهم مع بقية القوى السياسية، هذا كله أدّى إلى تقليص حجم تلك التوقعات التى لو صحت لدمرت بنية الإخوان المسلمين وشوّهت فكرتهم الإصلاحية ولأصاب المجتمع المصرى منها ضرر كبير.كان للمنهج الذى اتبعه الإخوان لمواجهة تلك الحملات المتوالية أثر كبير فى تقليل حجم الخسائر على ذلك المستوى.هذا المنهج يمكن تلخيصه فى "الصبر الإيجابى والتضحية والثبات" .وقد استفاد الإخوان من تجاربهم السابقة فى مواجهة حملات الحكومات المصرية سابقاً وأهمها حملتان :الأولى: قامت بها حكومة الأقلية السعدية فى أعقاب حادث اغتيال النقراشى باشا وأسفرت عن اغتيال مؤسس الإخوان الإمام الشهيد حسن البنا فى 12/2/1949 بعد حل الجماعة ومصادرة أموالها وممتلكاتها ومقارها واعتقال غالبية قياداتها.وكانت النتيجة بعد عودة الإخوان إلى الساحة أن شاركوا فى انقلاب يوليو 1952 مشاركة كبيرة رغم تحفظ وعدم موافقة المرشد الجديد الذى لم يكن أحكم سيطرته على القرار ولا مؤسسات الإخوان، وكان هذا فى تقدير المراقبين خروجاً على نهج الإخوان التدريجى السلمى الإصلاحى التربوى، ونزوعاً إلى رغبة عارمة فى تغيير الأوضاع من أعلى وليس كما يقول الإخوان من أسفل أى من المجتمع.أثمر ذلك التغيير الفوقى نتائج مأساوية على الإخوان لأنهم أصبحوا شركاء فى سلطة رفضوها وباتوا منافسين على مغانم لم يسعْوا إليها وصاروا قوة كبيرة لا يستطيع أحد أن يقف فى وجهها فكان لابد للسلطان الجديد أن يزيحهم من الساحة تماماً وأن يحاول الإجهاز عليهم والقضاء على الجماعة.الثانية: ما قام به عبد الناصر خلال حكمه بدءاً من 1954 وحتى وفاته عام 1970 من تغييب كامل للإخوان عن الساحة مما أدى فى البداية إلى نزوع بعض الشباب إلى التفكير فى عمل عنيف أيضاً للانتقام أو للتغيير حتى خرج الشهيد سيد قطب من السجن ليصحح مسيرة هؤلاء الشباب إلا أنه لم تكتمل له الفرصة فبعد شهور انكشف التنظيم وسيق الشهيد البرئ إلى حبل المشنقة ولكن بعد أن أدرك الإخوان أن طريق العنف مسدود وأن مواجهة الاستبداد باتت الفريضة الكبرى وأن العودة إلى نهج البنا وإعادة قرائته من جديد يصحح مسيرة الإخوان ويعيد الرونق الى فكرتهم بعد ما اصابها من تشويه متعمد طوال الحقبة الناصرية.لذلك كان الإخوان منذ بداية خروجهم فى عهد السادات واكتمال الإفراج عنهم عام 1975 وإلى يومنا هذا يؤمنون بالحقائق التالية:- عدم جدوى العنف فى التغيير وأهمية الالتزام بالمنهج الوسطى المعتدل الذى يمزج بين الدعوة والتربية والمشاركة الاجتماعية والسياسية والفكرية.- الصبر وعدم اليأس او الإحباط وأن الوقت جزء هام من العلاج.- العلنية فى العمل والنشاط وعدم الاتجاه إلى السرية والاختباء .- المشاركة مع بقية القوى الإسلامية والسياسية وعدم الانعزال عنها وفق القاعدة الذهبية : نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.- أهمية التواصل مع أجيال الشباب وبناء تنظيم اجتماعى قوى يمتد فى كل القرى والبلاد وتصحيح المفاهيم المتشددة برفق وتؤدة.- ولعب الدور الاكبر فى هذه المرحلة المغفور له الاستاذ عمر التلمسانى واخوانه الذى كسبوا ثقة الشباب وصححوا مفاهيمهم وربوهم على التجرد والصبر والاخلاص والثبات.وكان من نتائج ذلك أن الإخوان كانوا – وما زالوا – بعيدين عن كل تنظيمات العنف وأنقذوا آلاف الشباب من الانخراط فى تلك التنظيمات ، وحاولوا – مع آخرين – تصحيح المفاهيم لدى المتحمسين والمتهورين.وأيضاً أسهم الإخوان فى الحياة السياسية المصرية ببطء وتدرج رغبة فى الانخراط السلمى فى عملية إصلاح شاملة لبنية النظام المصرى السياسى وتعاونوا وتحالفوا ونسقوا مع كل الأحزاب والقوى السياسية من حزب الوفد إلى العمل والتجمع والناصريين والشيوعيين وبقية القوى السياسية والمفكرين.وشارك الإخوان – مع آخرين – فى التأسيس لخطاب إسلامى معتدل يمزج بين ثوابت الدين ومتغيرات الحياة، ويقدم الإسلام كمنهج حياة للأفراد والمجتمعات لا يعوق تقدم المجتمع بل يدفعه لمزيد من التطور والانفتاح على معطيات العلم والتكنولوجيا وثقافات العالم ويؤسس لتعاون أوثق مع بقية حضارات العالم حتى لا ينقطع المسلمون عن الانخراط فى تعاون بناء من أجل مستقبل أفضل للإنسانية جمعاء.واحتفظ الإخوان بثقتهم فى قيادتهم وجماعتهم رغم ما أصابهم من وهن وضعف فى الاتصالات ورغم تنوع الآراء والاجتهادات.وظل الجسد الإخوانى متماسكاً رغم الضربات الأمنية ولم تحدث انقسامات أو تصدعات وحاول البعض – كما فى تجربة حزب الوسط – التأسيس لمشروع جديد كان يمكن أن يكون إضافة إلا أن عناد النظام وشكوكه وتصلبه ورفضه لأى إصلاح سياسى أدّى فى النهاية إلى فشل أى مشاريع سياسية أو غيرها مما أضاف إلى قوة الجسد الإخوانى ولم يضعفه.ونزح كثير من الإخوان إلى القاهرة والعاصمة ليقيموا فيها ويحتاجون إلى وقت ليتكيّفوا مع مجتمع جديد لم يألفوه، ويظل الجسد الأكبر مقيماً فى الريف محتفظاً بنقائه الفطرى ومحافظاً على مكتسبات المجتمع الصغير فى ظل انهيارات كبيرة أصابت القاهرة والمدن الكبرى بسبب النمو المتزايد للعشوائيات وما يسودها من انحرافات سلوكية وخلقية واجتماعية.هل يعنى ذلك أن الإخوان أفلتوا من الآثار الجانبية للحملة البوليسية الأمنية ؟وهل يمكن القول أنهم حولوا تلك الخسائر المتوقعة إلى مكاسب ؟أعتقد أن ذلك يصعب التسليم به، فقد دفع الإخوان ثمناً غالياً من حرياتهم وأموالهم واستقرار بيوتهم وتنشأة أولادهم فى جو آمن مستقر للحفاظ على منهجهم الوسطى وخطابهم المعتدل وقدرتهم على الإصلاح السلمى المتدرج .لم يستفزهم عنف النظام للوقوع فى دائرة الاستفزاز وفخ العنف.ولم تقعدهم الضربات عن مواصلة طريقهم والمشاركة السياسية والمجتمعية .. ولكن كانت هناك آثار جانبية أخرى لا يمكن إغفالها والتقليل من شأنها.أهم تلك الآثار الجانبية الخطيرة التى أعاقت تقدم الإخوان وتطورهم وأبقت عليهم فى نفس الدائرة ونفس الموقع – أو كما يقال : "محلك سر" – هى :1] الاتجاه إلى المحافظة فى الرأى أو الجمود على المواقف وعدم الاستعداد والجرأة على التجديد والاجتهاد رغم ضرورة ذلك وأهميته والحاجة إليه .2] عدم القدرة على الابتكار فى أساليب العمل السياسى والمجتمعى لمواجهة حال الحصار المفروض على الجماعة ولمواجهة حال الانسداد السياسى التى أصابت التطور السياسى فى مقتل وردته إلى الخلف وللخروج من حال العزلة التى فرضها النظام على المنافذ الرئيسية التى تحرك فيها الإخوان كالنقابات والجمعيات والمساجد والهيئات الخيرية.3] الارتباك التنظيمى المتواصل نظراً للغياب المتقطع للقيادات العليا والوسيطة مما خلق حالة من الانقطاع وعدم تراكم الخبرات .4] الفشل الجزئى فى إنجاز الخطط والبرامج الموضوعة وتحقيق نسب متواضعة جداً فى الأداء الدعوى والتربوى والمجتمعى، وحصول الأمن باستمرار على تلك الخطط مما يُضخّم النظرة الأمنية للجماعة على غير الحقيقة ويساعد القيادات الأمنية على الإيعاز للقيادة السياسية بضرورة تشديد القبضة الأمنية ولا أدل على ذلك من أن بداية الحملات البوليسية كانت بسبب الأوراق التى تم ضبطها فى قضية "سلسبيل" وهى أوراق – كما كل ما يتم ضبطه من بعدها – لا تعكس الواقع الحقيقى للإخوان بل تعكس تمنيات وآفاق رحبة لم ينفذ الإخوان منها إلا القليل ، وهى كلها مفخرة للإخوان لو تم قراءته بنفس سليمة وعقل سديد لأنها تصب فى صالح الوطن وإصلاحه وتطوره وتقدمه.5] منع الإخوان من النشاط الاقتصادى الواسع خاصة فى مجالات معينة ومحاربتهم فى أرزاقهم وغلق شركات أفراد الاخوان الخاصة الكبرى والمتوسطة فى محاولات دؤوبة لتجفيف الموارد المالية للأفراد وبالتالى ينعكس ذلك على الجماعة التى وإن قامت على الأفكار والمبادئ إلا أنها لا تستطيع كأى هيئة تضخمت أن تستغنى عن المال الذى هو عصب الحياة خاصة مع توسع النشاط السياسى والبرلمانى والمجتمعى.وذلك ينعكس على قرة أفراد الإخوان الاقتصادية وإقبال الآخرين على الاستثمار معهم ومشاركتهم فى المشاريع الواسعة رغم ثقتهم بأمانتهم وكفاءتهم ثم ينعكس على قدرة الجماعة بعد ذلك على توفير الدعم المالى اللازم للأنشطة الواسعة مثل الانتخابات، وهذا كان هو السبب المباشر للهجمة الأمنية الواسعة الأخيرة فى قضية المهندس خيرت الشاطر وغيرها حيث صاحبت كل حملة إغلاق لعدد من الشركات المتنوعة فى مختلف مجالات النشاط الاقتصادى مما سبب خسائر فادحة لأفراد الإخوان ومحاولة خبيثة لتجويع بيوت عفيفة.6] خلق حالة من الخوف لدى الجماهير من الإخوان وفرض لون من العزلة التنظيمية على الإخوان، ولولا الانتشار الجماهيرى الواسع خاصة فى الريف والأحياء الشعبية لأثمر ذلك الخوف قطيعة بين الشعب والإخوان ولكن الانتخابات المتوالية أثبتت عقم ذلك الأسلوب وقدرة الإخوان على تجاوز آثاره السلبية .7] تشويه إعلامى متعمد للإخوان والعمل على زرع صورة نمطية عبر الإلحاح الإعلامى فى برامج معينة لتضخيم خطر الإخوان وبث الشك حول نواياهم وبرامجهم الإصلاحية وقدراتهم السياسية، والحرص على منع الإخوان من المشاركة فى تلك البرامج وحجبهم تماماً فى السنتين الأخيرتين – باستثناء بعض النواب – عن كافة البرامج والفضائيات حتى تلك الحرة والمستقلة والخاصة حتى تسود حالة من الصمت حول أخبار الإخوان أو يتلقى المشاهدون رأياً واحداً مع الحرص على تحويل أى لقاء مع نائب إلى حالة من الصخب و الضجيج دون إناقة الفرصة لحوار جاد وموضوعى ويسثتى من ذلك فقط الاخبار التى تصب فى غير صالح الاخوان.8] إبعاد القوى السياسية الحزبية عن الإخوان المسلمين فى محاولة لعزل الإخوان وعرقلة أى إمكانية لتحالفات سياسية جديدة مثل تلك التى شهدتها الثمانينات فى ظل غموض النظام الانتخابى القادم وتغيره باستمرار.وفى الحقيقة فإن الخاسر الأكبر فى ذلك هو تلك القوى الحزبية نفسها أكثر من الإخوان لأن شعبية الإخوان هى التى حملت حزب الوفد ثم حزب العمل إلى التمثيل البرلمانى وتلك الشعبية تزايدت ولم تنقص فى آخر انتخابات 2000، 2005 وإذا كانت الرخصة القانونية التى تتمتع بها الأحزاب هامة فإن الأهم منها هو الانتشار الشعبى والقدرة على الحشد والتعبئة والتنظيم.ويظل الإخوان حريصون على التواصل مع تلك القوى و زيارة مقراتها ودعوة قياداتها إلى لقاءات وحفلات ويحجم هؤلاء عن تلبية الدعوات أو رد الزيارات مما يجعلهم فى موضع الانتقاد لأن السبب هو إما خوفهم من النظام وخشيتهم على هياكل أحزابهم أومشاركتهم للنظام وتأييدهم له ضد الإخوان مثل قيادة حزب التجمع اليسارى.9] حصار الإخوان محلياً ومنع قياداتهم ورموزهم من السفر للخارج للمشاركة فى حوارات وندوات ومؤتمرات دولية وعالمية هامة حول القضايا الرئيسية للأمة العربية والإسلامية مثل قضايا الإصلاح السياسى والدستورى مما يحجب رأى الإخوان ومواقفهم عن المشاركين ويمنع تبادل الرأى والمشورة ، او قضايا العنف والإرهاب وكيفية مواجهته وحرمان الإخوان من تصحيح التشويه المتعمد والخلط المقصود بينهموبين تيارات التشدد والغلو والعنف، وأيضاً قضايا الاستقلال ومواجهة الاحتلال مثل فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال وغيرها مما يعزل الإخوان فى مصر عن قضايا الأمة من الاحتكاك بالآخرين والاستفادة من المشاركة، ويحرم الإخوان من تقديم وتمرين رموز وقيادات تكتسب المزيد من الحنكة والخبرة السياسية الدولية.10] منع تواصل الإخوان وقياداتهم ورموزهم مع المجتمع الدولى والدبلوماسيين والسياسيين خاصة أمريكا والدول الغربية التى لها رأى هام وموقف خطير فى أى تطور سياسى فى مصر والمنطقة ويظن البعض أن رأيهما هو الحاسم فى التقدم نحو الإصلاح الدستورى والسياسى من أجل الحفاظ على مصالحهم.وهنا يتم حرمان الإخوان – وبقية القوى السياسية المعارضة – من طرح وجهة نظرهم فى الإًصلاح مع الحفاظ على الثوابت الوطنية مثل الاستقلال الوطنى وحماية الثروات المصرية والقدرة على حفظ الاستقرار والأمن وحل مشكلات المجتمع المصرى ونظرتهم إلى قضايا المنطقة العربية والإسلامية.11] حرمان الإخوان المصريين من لقاء بقية الإخوان فى العالم وتبادل الرأى والمشورة معهم واكتساب الخبرات المتبادلة فى ظل ظروف متشابهة، وتعقيدات مشتركة وهذا يمنع من تنسيق المواقف تجاه قضايا الإصلاح والتقدم قدماً نحو المزيد من النشاط والعمل بعد مرحلة أثمرت توجهاً للمشاركة السياسية النشيطة والدفع نحو تمثيل برلمانى جيد وتشكيل أحزاب سياسية فى أكثر من بلد عربى وإسلامى وبناء قاعدة جماهيرية عريضة مما أفقد الإخوان زخم تلك المرحلة والتقدم نحو مرحلة جديدة قد تصل بهم إلى المشاركة فى الحكم بعد تقييم تجارب قليلة فى الجزائر واليمن وغيرها.هذه أهم تداعيات الحملة البوليسية الأمنية والحصار السياسى والتشويه الإعلامى للإخوان المسلمين والتى مارسها النظام المصرى طوال السنوات الماضية، والتى نجح خلالها فى إعاقة تطور الإخوان وقدرتهم على التجديد والاجتهاد وحرمانهم من اكتساب الخبرات ومنع تراكم النجاح الذى حققوه خلال الربع قرن الماضى.ولكن هل أمكن للإخوان أن يقللوا من هذه الخسائر المحققة ؟وهل يمكن لهم مستقبلاً تجاوز تلك المرحلة وخاصة أنها مرشحة للاستمرار ؟إذا كانت الجهات التى عمل النظام وقبضته الأمنية الغليظة من خلالها على تعويق الإخوان وحصارهم هى :- البناء التنظيمى .- الساحة الإعلامية .- الحضور السياسى وبناء التحالفات السياسية.- التواصل الخارجى.- الحرب على الأرزاق وتجفيف الموارد المالية، أو الحصار الاقتصادىفإن الإخوان يمكنهم اتباع سياسة مرنة تقلل حجم تلك الخسائر التى وقعت حتى الآن والتى يمكن أن تتوقع فى المستقبل القريب.تقوم تلك السياسة على عدة محاور :أولاً: البعد عن المركزية التنظييمة الشديدة مما يقلل حاجة الإخوان إلى الأبنية التنيظمية المعقدة والمتشابكة.ثانياً: اعتماد أسلوب إدارى جديد يقلل حجم اللقاءات المركزية والوسيطة.ثالثاً: إطلاق جهود الأفراد فى العمل والنشاط والإبداع و التجديد والاجتهاد وعدم تقييدهم بقيود منهجية صارمة أو قيود إدارية مكبلة أو قيود تنظيمية معوقة.رابعاً: تشجيع الكفاءات الإعلامية الفردية ودعمها ، ودعم شباب المدونيين وعدم الالتفات إلى الأصوات التى تطالب بتقييد حريتهم، والدفع بشباب الإخوان إلى خوض تجارب إعلامية مهنية بعيداً عن المنابر التقليدية لاكتساب الخبرة المهنية اللازمة، وتحمل الأخطاء المتوقعة نتيجة خوض هؤلاء الأفراد فى الساحة الإعلامية كأفراد بحيث لا تتحمل الجماعة أخطاءهم .خامساً: الدفع بالكفاءات الدعوية بعيداً عن الالتزام التنظيمى، بل التقليل من وجودهم التنظيمى ورعايتهم بصورة منفردة بعيداً عن الهياكل التى قد تتسبب فى إعاقتهم بسبب الملاحقات الأمنية، وإمدادهم بدعم معنوى ومادى يكفل لهم الاستقلال والقدرة على تنمية مهاراتهم بصورة فردية أو فى حلقات ضيقة بعيداً عن المتابعة الأمنيةً ، وتشجيعهم على البحث والدرس والاجتهاد وتجديد الخطاب الدعوى واعتلاء المنابر المسجدية والإعلامية بخطاب وسطى معتدل يوازن كفة الخطاب المتشدد الذى يسود الساحة الآن على أن يمتنعوا تماماً عن الخوض فيما يخص الإخوان من قضايا أو إشكالات مع الدولة.سادساً: إطلاق حرية المواهب السياسية والبرلمانية للاحتكاك المباشر بالتيارات الفكرية والسياسية بعيداً عن تمثيل الجماعة أو التحدث باسمها ، وتشجيع الكفاءات البحثية فى العلوم الاجتماعية والسياسية وإعطائهم أجازة مفتوحة من العمل التنظيمى حتى يصقلوا موهبتهم ويستكملوا بحوثهم مع متابعة عن بعد وبصورة منفردة ويمكن تخصيص منح مالية دراسية لهم مع كفالة استقلالهم العلمى.سابعاً: اعتماد سياسة تركز على أهمية وأولوية الإصلاح السياسى والدستورى وإطلاق الحريات العامة وحماية حقوق الإنسان وإرساء دولة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية، قبل التمثيل البرلمانى والحرص عليه.ثامناً: الالتحام بالقوى الشعبية الجديدة واللحاق بالمطالب الاجتماعية المتصاعدة، والمشاركة النشيطة كأفراد وليس كجماعة فى كافة التحركات الشعبية التى تطالب بالحقوق الاجتماعية، وتشجيع الأفراد للحركة بحرية فى تلك الفضاءات المفتوحة.قد يلاحظ البعض أن كل تلك المحاور تعتمد ما يمكن تسميته "الجهد الفردى" بديلاً عن "العمل التنظيمى" و "الخطط المرسومة" بحيث تعتمد على القدرة على التجديد والابتكار والإبداع من الأفراد وإطلاق طاقاتهم المكنونة.وذلك لسبب رئيسى هو أن تلك المرحلة غير مسبوقة فى تاريخ الإخوان حيث يعيش الإخوان منذ 35 عاماً فى وضع لا هو بالقانونى ولا هو بالمحظور والممنوع، وهناك إخوان اكتسبوا خلال تلك الفترة الطويلة خبرة ومعرفة بالمنهج الإخوانى وأسلوب العمل وتمرسوا من خلال التجارب على العمل الدعوى والتربوى والمجتمعى ويحتاجون فقط إلى إطلاق طاقاتهم وتشجيعهم والدفع بهم إلى ساحة العمل بقوة.تاسعاً: التركيز على المشاريع الاقتصادية المتوسطة والصغيرة وعدم الاندفاع فى مشاريع اقتصادية واسعة تلفت الانتباه والحرص على مشاركة آخرين خارج الإخوان لتأمين تلك المشروعات من ناحية ولإضفاء قدر من المصداقية على أنها مشاريع خاصة والتوسع فى تنويع الاستثمارات الخاصة فى أكثر من مجال وتشجيع الاستثمار المشترك لتوفير قدر من الحماية القانونية والتقليل من اندماج مشاريع اقتصادية إخوانية وعدم خلط الأوراق فى النشاط الاقتصادى وضبط كافة الأمور الإدارية والمالية والمستندية المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية بصرامة شديدة لقطع الطريق على أى ثغرة قانونية وللحصول على التعويض المناسب بعد انكشاف أى أزمة وانتهاء أى قضية.عاشراً: المشاركة الفردية فى مشاريع الإعلام الخاصة داخل وخارج مصر بهدف تحقيق الحد الأدنى من الإعلام الهادف والموضوعى لإيجاد أرضية مناسبة لتنمية وعى الأمة والجماهير بقضاياها الحقيقية بعيداً عن الإسفاف والتردى الموجود حالياً، وتشجيع الإعلام الإسلامى الهادف الذى يخاطب الجمهور خطاباً معتدلاً وسطياً.وتشجيع المستثمرين من الأفراد للاستثمار فى مجال الإنتاج الإعلامى بكافة جوانبه للشباب والأطفال والدراما والحوارات وغيرها.والدفع بكفاءات صحفية وشبابية للتدريب على كافة مراحل العمل الإعلامى وتشجيعهم على العمل فى كل المسارات الإعلامية مع الحفاظ على هويتهم وتمتين روابطهم الخاصة.وبعدفإن الفهم الصحيح لمراحل العمل التى ألزم بها الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا كل أخ مسلم يعلم أن المراحل الثلاث الأولى وهى إصلاح النفس وتكوين البيت السلم وإرشاد المجتمع هى مسئولية فردية فى المقام الأول ثم هى مسؤلية الجماعة .بعد ذلك فى الإرشاد والتوجيه وتهيئة المناخ المناسب وتبادل الخبرات اللازمة أما المسئولية الرئيسية فهى مسئولية الأفراد أنفسهم ويجب إفهامهم ذلك وتحميلهم تلك المسئولية.ورغم أن الإخوان فى مناهجهم وبرامجهم وخططهم وتوجهاتهم يقولون ذلك ويكررونه إلا أن الممارسات العملية تبتعد عن ذلك قليلاً أو كثيراً أو الواقع الملموس يوضح أن الأفراد باتوا يعتمدون على الجماعة فىكل جهود هم ويحملونها فوق طاقتها ، فما السبب ؟.أعتقد أن مرد ذلك كله يعود إلى 3 أسباب:أولاً: التعقيد الإدارى الحالى الذى نوّغ اللجان بكثرة وأثقل الأفراد بلقاءات إدارية على مستويات عديدة، واستهلك أفضل الطاقات الإخوانية فى أعمال مكتبية وورقية وألزم الأفراد بخطط تفصيلية قد لا تناسب كل البيئات والمواقع وخنق المواهب بقيود الاستئذان أو التكليفات.ثانياً: الالتزام بمناهج تثقيفية محددة رغبة فى التسهيل على الأفراد فإذا بها تدفعهم إلى التبسيط والكسل المعرفى والقعود عن التحصيل وضعف الهمة فى الدرس وذلك إنما هو ثمرة المناخ العام الذى أفسد الشباب وأفسد العمليات التعليمية والتربوية التثقيفية العامة وما أفراد الإخوان إلا نتاج المجتمع الحالى، فنادراً الآن أن تجد شاباً مثقفاً قارئاً ذو عقل متفتح وقدرة على التمييز بين الآراء.ثالثاً: القيود التنظيمية المشددة، واتساع عمل الإخوان والتشابك الشديد بين ضرورة الإحساس بالمسئولية الفردية وبين ضرورة الالتزام بخطط الجماعة التفصيلية جداً، والتضارب بين القيام بالواجبات الفردية على كل المستويات الدعوية والتربوية والمجتمعية وبين الإحساس بالتقصير فى تنفيذ ما هو مطلوب إخوانياً لمزيد من الانتشار والتوسع وكسب الأنصار والمؤيدين وتأطير المستجيبين للدعوة وهم كثير.إذن عموم أفراد الإخوان يحتاجون من كل مستوياتهم القيادة إلى عدة أمور:1] إتاحة المزيد من الوقت لهم للاهتمام بالجهد الفردى.2] إطلاق حرية العمل والاجتهاد مع المتابعة والتقويم.3] الدفع بهم إلى الاجتهاد والتجديد الفكرى والثقافى وأيضاً فى مسائل العمل الدعوى والمجتمعى.ويبقى للقيادات العليا والوسيطة الاهتمام برسم الاستراتيجيات العامة ووضع السياسات المطلوبة ومتابعة الالتزام بها والإرشاد عند الخروج عنها بعد تقويم النشاط والجهود الفردية.تلك مرحلة حرجة فى تاريخ الإخوان غير مسبوقة كما أشرت تحتاج إلى اجتهاد جديد من أجل الانطلاق بعد انفراج الأزمة إلى عهد جديد يبشر بمزيد من النجاحات إن شاء الله. أقتباس من مدونه أنا أخوان

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009


جاسوس في أعلي!

أسباب كثيرة كانت وراء سقوط وتفكك الاتحاد السوفييتي «طيب الله ثراه»، الاستبداد والديكتاتورية وعبادة الحاكم واحتكار الحكم، أسباب وجيهة وحقيقية فعلاً لتساقط الأمم مهما طال الزمن «عمر الاتحاد السوفييتي عند وفاته كان 74 سنة فقط»، لكننا لا يجب أبداً أن نستبعد السبب الأهم في سقوط الاتحاد السوفييتي، حيث كان مطلوباً هدم هذه الإمبراطورية وضرب مفاصلها ورميها في الفقر والجريمة بحيث تنفرد وتتفرد أمريكا بالساحة العالمية ويتحول الشعب «السوفييتي» إلي مشردين يجمعون القمامة في الشوارع عقاباً لهم علي تحدي ومواجهة ومخاصمة ومغالبة الهيمنة الأمريكية حيناً من الدهر.
السبب الأهم كان الخيانة.. عندما تكون قيادات رفيعة المستوي قادرة وواصلة وصانعة للقرار موجودة في أو مع قمة السلطة بينما هي مجرد خدامة للسياسة الأمريكية وجواسيس وعملاء لأجهزة المخابرات الأمريكية، فهذا ما يجعلها تخرب في بلدها لصالح المخابرات اللي مشغلينهم، «فلاديمير كروتشكوف» ــ رئيس هيئة أمن الدولة في الاتحاد السوفييتي وأحد قادة الانقلاب الفاشل ضد جورباتشوف «انقلاب استمر ثلاثة أيام وانتهي بتسليم قادته أنفسهم للرئيس الذي انقلبوا عليه»، «كروتشكوف» في مذكراته التي حملت عنوان «العمل السري في المخابرات السوفييتية» يحكي عن «ياكوفليف» ــ المستشار السياسي للرئيس السوفييتي جورباتشوف ــ والذي كان المسئول ربما رقم واحد عن تفكيك الاتحاد السوفييتي بسلسلة من القرارات والقوانين انتهت إلي نهاية الاتحاد السوفييتي، يقول كروتشكوف: (بدءاً من عام 1989 أخذت ترد إلي هيئة أمن الدولة معلومات تثير قلقاً عميقاً، إذ إنها كانت تشير إلي وجود صلات بين «ياكوفليف» والأجهزة الخاصة الأمريكية، وكانت الهيئة قد حصلت أول مرة علي مثل هذه المعلومات منذ عام 1960، عندما كان «ياكوفليف» يجتاز دورة تدريبية لمدة سنة في جامعة كولومبيا الأمريكية مع مجموعة من المتدربين السوفييت. فقد أبدي مكتب التحقيقات الفيدرالي اهتماماً كبيراً بهؤلاء المتدربين علي أمل الاستفادة منهم في المستقبل كمصدر للمعلومات، أو بتعبير أبسط، تمهيداً لتجنيدهم، أمر عادي، بالطبع ولا شيء يدعو للاستغراب، خصوصاً إذا علمنا أن رجال مكتب التحقيقات تميزوا دوماً بتجاهل أصول اللباقة تماماً، والحرص علي عدم تضييع الفرص التي تسنح لهم أياً كانت الظروف وتنبغي الإشارة إلي أن المتدربين الذين وجدوا أنفسهم بعيدين عن عين هيئات الأمن الوطنية «التي تري كل شيء» أعطوا الخصم أكثر من أمارة ليأمل بالنجاح في مسعاه).
ويضيف رئيس هيئة أمن الدولة السوفييتي قائلاً: (ياكوفليف أقدم علي إقامة علاقة مع الأمريكيين دون أن يطلب السماح له بهذا، وعندما بلغنا الخبر، صور لنا الأمر علي أنه محاولة للحصول علي معطيات من المكتبة المكتومة تفيد الدولة السوفييتية ولم تحظ مبادرة «ياكوفليف» بدعم من ممثلي أجهزة الأمن لدينا، ولم تلق المزيد من التطوير كما افترضنا، كما أن أحداً لم يقدم أي ادعاءات موجهة ضد «ياكوفليف» وعندما أنهي المتدربون الدورة عادوا إلي الوطن ليتابعوا ارتقاءهم السلم الوظيفي بعد حصولهم علي الذخيرة الضرورية من المعرفة» وفي السبعينيات عُين «ياكوفليف» سفيراً للاتحاد السوفييتي في كندا، وقد وردتنا معطيات فيما بعد تدل علي أن الكنديين بدورهم كانوا يدرسون سفيرنا بعناية، وأنهم سرعان ما استنتجوا أن «ياكوفليف» ليس راضياً عن وضعه وفي عام 1990 حصلت هيئة أمن الدولة عن طريق جهاز المخابرات الخارجية وجهاز مكافحة التجسس علي معلومات عن «ياكوفليف» تستدعي إبداء أقصي درجات اليقظة والحذر، وقد أتت هذه المعلومات من مصادر مختلفة «تقوم علي أنها مصادر موثوقة»، ويتلخص مضمون التقارير الواردة في أن «ياكوفليف» حسب تقديرات الأجهزة الخاصة، يشغل مواقع مفيدة بالنسبة للغرب، وهو يجابه بثبات القوي «المحافظة» في الاتحاد السوفييتي، ويمكن الاعتماد عليه بثقة أياً كان الموقف).
ويذكر «كروتشكوف» بعد ذلك أنه تحدث أكثر من مرة إلي «جورباتشوف» حول هذا الموضوع، تقديراً منه للعلاقات الوثيقة التي تربط الرئيس بــ«ياكوفليف»، وكان الرئيس في كل مرة يرتبك، ويبدي استغرابه، ثم يكلفه بالتحدث إلي«ياكوفليف» مباشرة وكان هذا الأخير يكتفي بإطلاق تنهدات عميقة والتعليق بغمغمة غير مفهومة والتزام الصمت، بل سرعان ما ترك «ياكوفليف» جهاز اللجنة المركزية للحزب وعُين رئيساً لفريق مستشاري الرئيس، ولم يطرأ علي العلاقات بين «جورباتشوف» و«ياكوفليف» أي تغيير، وظلت كالسابق تتميز بالمودة والثقة العميقة أما المسألة «الحساسة» المتعلقة بالتعاون المحتمل بين «ياكوفليف» والأجهزة الخاصة الأمريكية، فقد ظلت معلقة في الهواء، ولم يعد أحد منهما يتطرق إليها أبداً).
السؤال:
هل حدث ــ ويحدث ــ هذا في الاتحاد السوفييتي فقط؟
هل يمكن الاطمئنان وسط العتمة وغياب الرقابة والمحاسبة وغياب تداول السلطة وافتقاد الانتخابات الحرة و سيطرة الحكم المطلق واستمرار احتكار السلطة إلي أن أحداً مثل «ياكوفليف» ليس في مكان آخر بعيداً عنا كان أم قريباً.. جداً؟

ثقافة القتل وصناعة الجثث
في الحقيقة... القتل شيء مليء بالمتعة، عندما تذهب لأفغانستان تجد رجالا كانوا يصفعون النساء بلا مبالاة طيلة خمس سنوات لأنهن لا يرتدين الحجاب..... لذا قتلهن هو شيء مليء بالمتعة»، بهذه اللغة وهذه الثقافة تحدث الجنرال الأمريكي جيمس ماتيس قائد إحدي فرق مشاة البحرية الأمريكية في ندوة عامة في مدينة سان دياجو بولاية كاليفورنيا الأمريكية في الأول من فبراير عام 2005، ولم يكن الجنرال يتحدث بهذه اللغة عن ثقافة خاصة به وإنما عن ثقافة عامة لدي القوات الأمريكية التي تمارس القتل والخراب والدمار في أنحاء العالم منذ أن قامت الولايات المتحدة علي أطلال قبائل الهنود الحمر السكان الأصليين
لما عرف بعد ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية نهاية القرن السابع عشر، غير أن ثقافة القتل وصناعة أكوام الجثث لم تكن تجد في ذلك الوقت من يقوم بتصويرها تليفزيونيا وربما فوتوغرافيا، فلم تتوافر صور حقيقية لها ولكن بقيت ثقافتها يمارسها الأمريكيون جيلا بعد جيل في أطراف الدنيا، وكانت القنبلتان النوويتان اللتان ألقيتا من طائرتين أمريكيتين علي كل من مديني هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين في السادس والتاسع من أغسطس من العام 1945، أكبر جرائم القتل الجماعي للبشر التي ارتكبت في تاريخ الإنسانية في خلال ساعات معدودة، فخلال ثلاثة أيام فقط قتل ما يقرب من مائتين وخمسين ألف شخص وجرح ما يزيد علي مائة ألف فيما بقي الملايين علي مدي أجيال يعانون من آثار الإشعاع النووي، وبقي الطيارون الذين اركتبوا هذه الجريمة الإنسانية الجماعية التي لن تمحي من تاريخ البشر لا يشعرون بأي ذنب تجاه ما قاموا به حتي اللحظات الأخيرة في حياة كل منهم حيث توفي الأخير منهم قبل سنوات معدودة، وكان هذا الطيار الذي يدعي بول تيبتس قد حاورته صحيفة الواشطن بوست الأمريكية في شهر أغسطس عام 1995 في ذكري مرور خمسين عاما علي إلقاء القنبلتين حول مشاعره تجاه ما قام به بعد مرور خمسين عاما وما إذا كان قد شعر بأي ندم أو أرق لمقتل وإصابة مئات الآلاف من البشر بسبب قصفه لهم فأجاب قائلا: «لا... لم يحدث أن عانيت من أي أرق نتيجة التفكير في هذه المسألة، ولن أعاني أبدا من مثل ذلك، فأنا لم أقم بعمل يمكن أن أخجل منه» أما الطيار الذي كان قد كلف بمهمة إلقاء قنبلة ثالثة علي مدينة يابانية أخري والذي ألغيت مهمته بعد إعلان اليابان عن استسلامها علق علي إلغاء مهمته قائلا: «لقد شعرت في ذلك الوقت بخيبة أمل حينما أبلغوني بإلغاء العملية، فقد أردت أن أعرف كيف يكون ذلك» .هذه الثقافة التي يتم غرسها في نفوس هؤلاء البشر هي التي أوجدت هذه الحروب التي لا تتوقف وهذه الجرائم البشعة التي ترتكب فيها حيث كان قتل خمسة أو ستة من البشر من قبل يعتبر مجزرة، فأصبح بعد ذلك مسمي مجزرة يطلق علي شعب بأكمله أو جماعة بمكوناتها من النساء والأطفال والشيوخ، وكانت الفلسفة الأمريكية في تصفية القري والمدن والنساء والأطفال تعلن بشكل واضح لا يدعوا للأرق أو الندم أو التردد في كل حروبها وأطولها حرب فيتنام حيث كانت المنشورات الأمريكية تلقي علي سكان القري من الطائرات وتقول لهم: «إن قوات الفيتكونج تختبيء بين النساء والأطفال في قراكم وإذا ما استخدمكم الفيتكونج في هذه المنطقة أو استخدموا قراكم لهذا الغرض فانتظروا الموت من السماء» وكان الموت يأتي الفيتناميين نساء وأطفالا وشيوخا وحيوانات وبشر علي مدرا الساعة طيلة عشرين عاما علي يد الآلة العسكرية الأمريكية فيما كان مهندس الحرب وزير الدفاع الأمريكي آنذاك روبرت ماكنمارا يعلن ثقافة القتل التي تقوم علي أن «التصرف المعقول في التعامل مع القنابل هو التخلص منها» والتخلص منها هنا بإلقائها علي البشر الأبرياء، حيث ألقيت كافة أنواع القنابل علي الفيتناميين فقتلت وجرحت وشردت الملايين وأهلكت الحرث والنسل، وما حدث في فيتنام علي مدي عشرين عاما يحدث في أفغانستان منذ العام 2001 وفي العراق منذ العام 2003، لكن أفغانستان تعرض في أكتوبر ونوفمبر من العام 2001 إلي أكبر عملية «قصف سجادي» في تاريخ الحروب ـ أي مسح الأرض شبرا بشبر وذراعا بذراع بالقنابل ـ حتي أن البروفيسور الأمريكي مارس هيرولد أعد تقريرا حول هذا الموضوع قال فيه إن مخازن وزارة الدفاع الأمريكية قد تم تفريغها من كافة أنواع القنابل الكبيرة الحجم التي كانت متراكمة بها طوال عقود وتم التخلص منها حسب ثقافة ماكنمارا ولكن علي رؤوس الشعب الأفغاني المسلم، فصعنوا أكواما هائلة من الجثث وراكموا كما هائلا من القصص المروعة والجرائم البشعة، وربما كانت وسائل الأعلام حتي عقد أو عقدين علي الأكثر تتجنب إلي حد ما إظهار صور الجثث والمذابح علي صفحات الصحف أو عبر شاشات التلفزة لاعتبارات كثيرة، ولعل الجميع يذكر تلك الصورة التي لعبت دورا كبيرا في إيقاف حرب فيتنام ودفع الأمريكيين للخروج وهي صورة العائلة التي كانت تهرب من قنابل النابلم التي كانت تحرق الأخضر واليابس في تلك البلاد والتي طورت الولايات المتحدة ماهو أكبر وأشد فتكا منها الآن حيث تستخدمه ويستخدمه حلفاؤها الإسرائيليون في كل من أفغانستان والعراق وفلسطين فينشرون ثفاقة أكوام الجثث حتي أن الكاميرات لم تعد تستطيع أن تهرب من تلك الأكوام بل أصبحت أكوام الجثث تدخل بيوت الأحياء عبر شاشات التلفزة بالليل والنهار في أطراف الدنيا دون أن تحرك ساكنا لدي الناس، حينما تشير التقارير إلي أن عدد من قتلوا في العراق منذ العام 2003 وحتي الآن يزيد علي مليون عراقي كثيرون منهم لا يعرفون لم قتلوا، وحينما يقتل ما لا يقل عنهم في أفغانستان حيث لا تفرق القنبلة والصاروخ الأمريكي بين طفل يرضع علي ذراع أمه أو شيخ ساجد يدعو ربه أو مقاتل يتواجد بعيدا في الجبال يرد ويواجه المحتل الذي غزا أرضه، فتكون نفس السياسة التي أعلنها ماكنمارا في فيتنام وهي إدانة الشعب كله طالما أن هناك مقاتلين بين صفوفه، هذه الثفافة أدت إلي نشر تلك الثقافة «ثقافة القتل» ووجود تلك الصناعة الشيطانية «صناعة أكوام الجثث»، حتي تعود الناس علي مناظر الدماء والأشلاء والخراب والدمار صباح مساء، حيث كانت صورة أم تهرب من قنابل النابلم وعلي ذراعها ابنتها قبل أربعين عاما كفيلة بإيقاف حرب كبري لكن أكوام الجثث التي تعرض علينا بالليل والنهار لم تعد تحرك ساكنا لدي الناس، إن ما يحدث في أفغانستان والعراق وفلسطين ليس عبثا، وما تبثه الكاميرات ووسائل التلفزة دون أن يحرك لدي الناس شيئا ليث عبثا كذلك، حيث أصبح القتل وأكوام الجثث لا يحرك عند الناس شيئا سوي الأسف وهم جالسون علي أرائكهم يلومون الضحية أحيانا، لكنهم في الحقيقة ينتظرون دورهم في القتل . أقتباس

عضو في مجمع البحوث طالب بوقفة معه.. وبرلمانيون يدعون إلي عزله من منصبه

علماء دين: نعم النقاب ليس فرضا في الإسلام.. لكن إهانة المرأة وأهلها كما فعل شيخ الأزهر ليس من الإسلام أيضا!
الشيماء عبداللطيف - محمد حسينانتقد عدد من العلماء وشيوخ الأزهر رفض الدكتور محمد سيد طنطاوي ارتداء طالبات المعاهد الأزهرية النقاب وهجومه علي إحدي الطالبات المنتقبات، إذ طالب الشيخ فرحات المنجي عضو مجمع البحوث الإسلامية بوقفة أمام ما حدث من شيخ الأزهر، وقال إن الإسلام كرم المرأة وحرم التطاول عليها بأي لفظ يهين كرامتها وأن من فعل ذلك عليه أن يطبق عليه حد الإسلام بالجلد ثمانين جلده لأن الإسلام أحاط المرأة بسياج عظيم لذلك فرض الحجاب عليها، وإذا أرادت أن تزيد وترتدي النقاب فلا حرج في ذلك لأن هذا أمر شخصي لا دخل لأحد فيه والعجيب أن النقد في قضية مظهر المرأة يكون موجهًا للمرأة المنتقبة ولا يقترب من السافرة.ويضيف حتي إن كان هناك حق لأي شخص في نقد امرأة فلا يصح أن يكون بهذه الطريقة ونحن لا ننحاز للمنتقبات لأن هناك بعض المهن التي تعمل فيها المرأة لا يصلح فيها ارتداء النقاب مثل الممرضة والطبيبة والمذيعة
وسأقوم بطرح هذا الموضوع في مجمع البحوث الإسلامية في الجلسة المقبلة ليصدر قرارًا بشأن هذا التصرف والإهانة التي قام بها شيخ الأزهر للطالبة.كما طالب الشيخ سيد عسكر - عضو مجلس الشعب - الطالبة التي أهانها شيخ الأزهر برفع دعوي قضائية ضده لأن ما فعله عدوان علي الحرية الشخصية لأن هذه المسألة فيها خلاف فبعض العلماء يري أن ذلك فضيلة وفريق آخر يراه سنة وهناك من يراه فرضًا واجبًا فلماذا يترك شيخ الأزهر المنكرات الكثيرة المنتشرة في المجتمع ويتوجه للمنتقبات؟وأضاف ما قام به شيخ الأزهر مخالف لتعاليم الإسلام والحرية الشخصية ولا يجوز الاستسلام لهذا الأمر لأنه تصرف غير سليم حتي إن صدر من شيخ الأزهر لأن الإسلام لا يعطي قداسة لرجال الدين.أما الدكتورة آمنة نصير - أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر - فقالت: إن هذا التصرف الذي قام به شيخ الأزهر مرفوض، لكن النقاب بصفة عامة ليس له علاقة بالدين الاسلامي، وقامت دولة الإمارات المتحدة بسن قانون يمنع النقاب نتيجة ما حدث بسببه من أعمال لا تليق بأمن المجتمع وهو أمر مقبول لأن دفع المضرة مقدم علي جلب المنفعة.وبرلمانيا طالب حمدي حسن أمين الإعلام بالكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في سؤال عاجل لرئيس الوزراء بعزل محمد سيد طنطاوي من مشيخة الأزهر، ومنعه من والإدلاء بتصريحات، وقال حسن: سبق أن طالبنا بمنع هذا الرجل من الحديث وها نحن نطالب بمنعه من الحركة أيضا ففي كل خطوة يخطوها وكل تصريح يصرحه يتسبب في أزمة وإهانة للمؤسسة التي ينتمي إليها ونفخر بها وبتاريخها

من أجلك أنت.. فساد أحمد عز!



لم يكن وقتها أحمد عز قد اعتلي عرشه الحالي في صدارة الحزب الوطني، بل لم يكن أصبح بعد عضواً في مجلس الشعب وربما لم يكن اسماً معلوماً في الحياة الاقتصادية إلا للمهمومين بها.كان ذلك في مجلس شعب 1995- 2000، حيث حمل ذات مساء وزير الاقتصاد، يوسف بطرس غالي، أسباباً وجيهة لبيع شركة الدخيلة لما تعانيه من أزمة سيولة طاحنة قد تهدد الشركة بالتوقف عن سداد الرواتب وتوقف الأفران إلي آخر الكوارث التي لا يردها غير البيع.بعد أقل من أسبوعين - فقط- عاد السيد يوسف بطرس غالي للمجلس بوصفه هذه المرة المسئول عن التعاون الدولي، حاملاً قرضاً ضخماً يبلغ قرابة 500 مليون دولار، مقدماً من الصندوق الكويتي للتنمية وموجهاً للشركة ذاتها التي ذهبت لصاحب النصيب بدعوي أزمة السيولة الطاحنة!!الصاعقة التي وقعت عليَّ، وأنا أقلب أوراق هذا القرض الضخم الذي هبط فجأة علي المجلس - بعد البيع بأيام - أنني وجدت فيه ما يفيد أنه كان في حوزة الحكومة والوزير منذ أكثر من عام ونصف العام... السؤال الذي طرحته ولم يجب أحد عنه - حتي الآن-: لو كانت الحكومة لم تخف هذا القرض، وقدمته في موعده للتصديق عليه، هل كانت مبررات البيع ستظل قائمة؟! وبالسرعة ذاتها؟، وهل قيمة السهم في شركة تملك مثل هذا القرض - المضمون من الحكومة المصرية - هي قيمة السهم ذاته لشركة مفلسة لا تجد ما تسدد به رواتب عمالها؟!!.. أسئلة لم أجد لها إجابات، وقصة مازالت ملغزة - علي الأقل بالنسبة لي - هي وغيرها من ألغاز مصر المحروسة التي تنشغل كثيراً بأخبار إلقاء القبض علي مواطن تقاضي 500 جنيه رشوة، أو مقترض تعثر في سداد بضعة ملايين وتلتفت وتصمت تجاه مليارات أخري تبددت علي طريقة الـ3 ورقات !!.. من بين هذه القصص المؤسفة - مثلا - قيام الحكومة في نهاية عصر الدكتور كمال الجنزوري بالإعلان عن بيع دور العرض السينمائي المملوكة للدولة، وهي حكاية حزينة. فلم يتقدم للشراء في الموعد إلا أشخاص بعينهم من الكبار حيث تقاسموا سوياً الدور المعروضة وتم تقديم عرض واحد لشراء كل دار معروضة تفاديا لرفع الأسعار فيما بينهم.تقدمت بسؤال عن سبب البيع بهذه الأسعار الزهيدة والشروط الميسرة فأجابت الحكومة الشفافة بأن انخفاض قيمة العائد علي المشترين من قيمة تذاكر الدخول هو السبب !! وعندما استفسرت عن سبب هذا الانخفاض في العائد قالوا: ضرائب الملاهي التي تقتطع معظم قيمة التذكرة!!لم يمض أسبوع واحد من إغلاق باب المزايدة وترسية العروض حتي وصل المجلس ذات مساء مشروع عاجل بقانون حمله وزير المالية وطلب إقراره علي وجه السرعة، وكان هذا المشروع يقضي بتخفيض قيمة الضريبة علي تذاكر دخول دور العرض السينمائية 80% من قيمة الضريبة السابقة.طلبت من الحكومة أن تفسر سر هذا التلازم الواضح بين تمام البيع «البخس» ثم تعديل جدوي «المشروع» كله بتخفيض سعر الضريبة المفروضة إلا أن أحداً لم يجب!!فكم منافس كان سيدخل للمزايدة حال علمه بهذا التخفيض الضرائبي الذي لم يعلم به قبل البيع إلا من اشتروا فعلاً !وكم يمكن أن يكون الفارق في السعر بين دار عرض من يشتريها يعلم مسبقاً أنه سينفق عليها من جيبه حباً في الثقافة والفن!! ودار عرض يملك من يشتريها استرداد ما أنفقه في تطويرها فوراً من خلال عائد حقيقي وجدوي اقتصادية تشجع البنوك علي أن تقرضه وتشجع غيره علي أن ينافس في تقديم أسعار عادلة لأصول ذهبت ولن تعود!!بل إن أحد خبراء التثمين المعروفين عندما شاهد هذه الجلسة واستمع لبعض ما أثرته فيها اتصل بي - علي غير معرفة سابقة - وكشف لي عن تفاصيل مدهشة عن الصفقة المريبة وبعض الأسماء الكبيرة وكذا أن الأسعار التي تم البيع بها أقل من سعر «الاسم التجاري »خلافا للمباني والأرض!!حكاية الاسم التجاري ذكرتني بحكاية المستر «جروبي» السويسري الجنسية الذي حضر للقاهرة في نهاية القرن الثامن عشر وافتتح عام 1908 محلين بالقاهرة: الأول في ميدان سليمان باشا، والثاني في شارع عدلي ثم انطلق إلي ضاحية مصر الجديدة وعندما قرر الذهاب إلي الإسكندرية نقل ملكية المحال القاهرية لابنه الذي مات فور النقل في حادث سيارة، فآلت المحال لجروبي مرة أخري إلا أن مصلحة الضرائب في حكومة إسماعيل صدقي طلبت منه ربع مليون جنيه ضريبة تركات !! علي سند أن المحال الثلاثة قيمتها 50 ألف جنيه والاسم التجاري 200 ألف جنيه !!
المهرولون
-1-
سقطت آخر جدرانِ الحياءْ.
و فرِحنا.. و رقَصنا..
و تباركنا بتوقيع سلامِ الجُبنَاءْ
لم يعُد يُرعبنا شيئٌ..
و لا يُخْجِلُنا شيئٌ..
فقد يَبسَتْ فينا عُرُوق الكبرياءْ…
-2-
سَقَطَتْ..للمرّةِ الخمسينَ عُذريَّتُنَا..
دون أن نهتَّز.. أو نصرخَ..
أو يرعبنا مرأى الدماءْ..
و دخَلنَا في زَمان الهروَلَة..
و و قفنا بالطوابير, كأغنامٍ أمام المقصلة.
و ركَضنَا.. و لَهثنا..
و تسابقنا لتقبيلِ حذاء القَتَلَة..
-3-
جَوَّعوا أطفالنا خمسينَ عاماً.
و رَموا في آخرِ الصومِ إلينا..
بَصَلَة...
-4-
سَقَطَتْ غرناطةٌ
-للمرّة الخمسينَ- من أيدي العَرَبْ.
سَقَطَ التاريخُ من أيدي العَرَبْ.
سَقَطتْ أعمدةُ الرُوح, و أفخاذُ القبيلَة.
سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البُطُولة.
سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البطولة.
سَقَطتْ إشبيلَة.
سَقَطتْ أنطاكيَه..
سَقَطتْ حِطّينُ من غير قتالً..
سَقَطتْ عمُّوريَة..
سَقَطتْ مريمُ في أيدي الميليشياتِ
فما من رجُلٍ ينقذُ الرمز السماويَّ
و لا ثَمَّ رُجُولَة...
-5-
سَقَطتْ آخرُ محظِّياتنا
في يَدِ الرُومِ, فعنْ ماذا نُدافعْ؟
لم يَعُد في قَصرِنا جاريةٌ واحدةٌ
تصنع القهوةَ و الجِنسَ..
فعن ماذا ندافِعْ؟؟
-6-
لم يَعُدْ في يدِنَا
أندلسٌ واحدةٌ نملكُها..
سَرَقُوا الابوابَ
و الحيطانَ و الزوجاتِ, و الأولادَ,
و الزيتونَ, و الزيتَ
و أحجار الشوارعْ.
سَرَقُوا عيسى بنَ مريَمْ
و هو ما زالَ رضيعاً..
سرقُوا ذاكرةَ الليمُون..
و المُشمُشِ.. و النَعناعِ منّا..
و قَناديلَ الجوامِعْ...
-7-
تَرَكُوا عُلْبةَ سردينٍ بأيدينا
تُسمَّى (غَزَّةً)..
عَظمةً يابسةً تُدعى (أَريحا)..
فُندقاً يُدعى فلسطينَ..
بلا سقفٍ لا أعمدَةٍ..
تركوُنا جَسَداً دونَ عظامٍ
و يداً دونَ أصابعْ...
-8-
لم يَعُد ثمّةَ أطلال لكي نبكي عليها.
كيف تبكي أمَّةٌ
أخَذوا منها المدامعْ؟؟
-9-
بعد هذا الغَزَلِ السِريِّ في أوسلُو
خرجنا عاقرينْ..
وهبونا وَطناً أصغر من حبَّةِ قمحٍ..
وطَناً نبلعه من غير ماءٍ
كحبوب الأسبرينْ!!..
-10-
بعدَ خمسينَ سَنَةْ..
نجلس الآنَ, على الأرضِ الخَرَابْ..
ما لنا مأوى
كآلافِ الكلاب!!.
-11-
بعدَ خمسينَ سنةْ
ما وجدْنا وطناً نسكُنُه إلا السرابْ..
ليس صُلحاً,
ذلكَ الصلحُ الذي أُدخِلَ كالخنجر فينا..
إنه فِعلُ إغتصابْ!!..
-12-
ما تُفيدُ الهرولَةْ؟
ما تُفيدُ الهَرولة؟
عندما يبقى ضميرُ الشَعبِ حِيَّاً
كفَتيلِ القنبلة..
لن تساوي كل توقيعاتِ أوسْلُو..
خَردلَة!!..
-13-
كم حَلمنا بسلامٍ أخضرٍ..
و هلالٍ أبيضٍ..
و ببحرٍ أزرقٍ.. و قلوع مرسلَة..
و وجدنا فجأة أنفسَنا.. في مزبلَة!!.
-14-
مَنْ تُرى يسألهمْ عن سلام الجبناءْ؟
لا سلام الأقوياء القادرينْ.
من ترى يسألهم
عن سلام البيع بالتقسيطِ..
و التأجير بالتقسيطِ..
و الصَفْقاتِ..
و التجارِ و المستثمرينْ؟.
من ترى يسألهُم
عن سلام الميِّتين؟
أسكتوا الشارعَ
و اغتالوا جميع الأسئلة..
و جميع السائلينْ...
-15-
... و تزوَّجنا بلا حبٍّ..
من الأنثى التي ذاتَ يومٍ أكلت أولادنا..
مضغتْ أكبادنا..
و أخذناها إلى شهرِ العسلْ..
و سكِرْنا.. و رقصنا..
و استعدنا كلَّ ما نحفظ من شِعر الغزَلْ..
ثم أنجبنا, لسوء الحظِّ, أولاد معاقينَ
لهم شكلُ الضفادعْ..
و تشَّردنا على أرصفةِ الحزنِ,
فلا ثمة بَلَدٍ نحضُنُهُ..
أو من وَلَدْ!!
-16-
لم يكن في العرسِ رقصٌ عربي.ٌّ
أو طعامٌ عربي.ٌّ
أو غناءٌ عربي.ٌّ
أو حياء عربي.ٌّ ٌ
فلقد غاب عن الزفَّةِ أولاد البَلَدْ..
-17-
كان نصفُ المَهرِ بالدولارِ..
كان الخاتمُ الماسيُّ بالدولارِ..
كانت أُجرةُ المأذون بالدولارِ..
و الكعكةُ كانتْ هبةً من أمريكا..
و غطاءُ العُرسِ, و الأزهارُ, و الشمعُ,
و موسيقى المارينزْ..
كلُّها قد صُنِعَتْ في أمريكا!!.
-18-
و انتهى العُرسُ..
و لم تحضَرْ فلسطينُ الفَرحْ.
بل رأتْ صورتها مبثوثةً عبر كلِّ الأقنية..
و رأت دمعتها تعبرُ أمواجَ المحيطْ..
نحو شيكاغو.. و جيرسي..و ميامي..
و هيَ مثلُ الطائرِ المذبوحِ تصرخْ:
ليسَ هذا الثوبُ ثوبي..
ليس هذا العارُ عاري..
أبداً..يا أمريكا..
أبداً..يا أمريكا..
أبداً..يا أمريكا.. اقتباس